ينتظر أن تصدر وزارة التجارة، حصيلة نشاطها العام بالأرقام والإحصائيات المقارنة في غضون الأيام القليلة المقبلة والخاصة بحجم تدخلات المراقبة وتشميع المحلات خلال شهر رمضان، فيما تشير مصادر عليمة إلى أن هذه "المحصلة الرمضانية" ستكون "سوداوية" بالنظر إلى ما تم تسجيله من خروقات ومخالفات عبر كل ولايات الوطن، لعل أخطرها تلك التي سجلت في بلدية سيدي أمحمد بالعاصمة حين ضبط أعوان المراقبة وقمع الغش أصحاب محلات للجزارة يستخدمون مواد حفظ الجثث في اللحوم الفاسدة. وحسب المؤشرات العامة، فإن حصيلة وزارة التجارة بالنسبة لرمضان هذا العام 2010 ليست بأحسن حالا من محصلات رمضان السنوات الماضية، بالرغم من النبرة الحادة للوزير الجديد مصطفى بن بادة الذي كلف في أفريل الماضي عقب التعديل الحكومي الأخير بحقيبة التجارة المثقلة بالملفات خلفا لزميله في الحزب الهاشمي جعبوب، حيث أكد الوزير مرارا خلال كل الملتقيات التي نشطها لعرض استعدادات مصالحه تحسبا لشهر رمضان الكريم، أن كل الاحتياطات اتخذت والإجراءات ضبطت. لكن وحسب مراقبي السوق فإن مهام مراقبة أكثر من 1.4 مليون تاجر ليس بالأمر الهين، على اعتبار أن تعداد المفتشين وأعوان المراقبة الذين سخّرتهم الوزارة للمراقبة لا يتعدى عددهم 200 ألف عون. مداهمات فجائية تكشف المستور وحسب مصادر ملمة بملفات التجارة النظامية والموازية، فإن رمضان هذا العام شهد أكبر عدد من التدخلات والمداهمات، سواء في الفترات الصباحية أثناء الصيام أو بعد الإفطار، وقد أسفرت هذه التدخلات الفجائية عن تشميع وغلق الآلاف من المحلات التجارية غير المحترمة لضوابط ومعايير السلامة الصحية، وتتصدرها محلات بيع اللحوم الحمراء والبيضاء والحليب ومشتقاته، وأيضا المخابز ومحلات صناعة الحلويات "قلب اللوز والزلابية وباقي المكسرات"، ودكاكين المواد الغذائية المختلفة. ومعلوم أن ظاهرة الغش والتحاليل، خصوصا في مجال التجارة بالمواد الاستهلاكية الأساسية، تتفاقم أكثر خلال هذا الشهر بالنظر إلى الطلب المتزايد، وهو الوضع الذي يغتنمه تجار المناسبات كفرصة للربح السريع على حساب صحة المواطنين. مواد لحفظ الجثث تستخدم في محلات يبع اللحوم ومن ضمن التدخلات التي قام بها أعوان المراقبة التابعين لوزارة التجارة، تلك التي خصت بعض محلات بيع اللحوم في بلدية سيدي امحمد بالعاصمة، حيث أفضت التحقيقات التي قامت بها ذات المصالح إلى أن هؤلاء الجزارين كانوا يستخدمون مواد لحفظ الجثث الآدمية في المستشفيات، وذلك للمحافظة على حمرة اللحوم الفاسدة وقتل الروائح الكريهة التي تنبعث منها كي يتسنى لهم بيعها في غياب أدنى وازع ديني أو ردع إنساني. وقد قامت مصالح المراقبة بتشميع وغلق 3 محلات، فيما يبقى التحقيق متواصلا بشأن محلات الجزارة الأخرى. من جانب آخر، تمكن أعوان المراقبة من غلق العديد من محلات بيع الحليب ومشتقاته من أجبان و"ياغورت"، يسوقون بضاعتهم وسلعهم في غياب المبردات، وهي شرط أساسي لممارسة نشاط بيع مشتقات الحليب، خصوصا في هذه الفترة الحارة من السنة والتي تجاوزت درجة الحرارة في بعض الأيام الماضية عتبة 44 درجة مئوية. أسواق الرصيف تضاعفت رغم المساعي الحثيثة لاجتثاثها وبخصوص التجارة الموازية على الرصيف، فإن حجمها تضاعف خلال رمضان هذا العام بالرغم من إجراءات المداهمة والحجز التي شنتها مصالح المراقبة، مدعومة بالقوة العمومية. وقد أفضى هذا العمل الرقابي من استئصال أكثر من 50 سوقا فوضويا بولاية الجزائر. ولكن ورغم ذلك، فإن ديكور الرصيف بشكل عام لم يخل من الطاولات التي تسوّق مواد غذائية خارج كل معايير السلامة الغذائية، وهو وضع يرجعه المراقبون والمتتبعون إلى قلة تعداد أعوان الرقابة بالنظر إلى حجم هذه السوق الموازية واستفحالها أكثر من يوم لآخر. معطيات تنذر بالخطر كل هذه المعطيات تؤشر إلى أن الحصيلة العامة المرتقب أن يعلن عنها في غضون النصف الثاني من شهر سبتمبر الجاري، ستكون ثقيلة ولا ندري بأي وصف ستوصف، سواء من طرف المؤسسات الوصية على القطاع، أو المتتبعين للشأن التجاري في البلاد من هيئات ومؤسسات وجمعيات. وقد سبق للعديد من جمعيات حماية النشاط التجاري والمستهلكين أن أشارت أياما قبل بداية رمضان، إلى أن العدة والتعداد الذي سخّرته وزارة التجارة لا يكفي لمراقبة السوق وقد استعرضت عدة مقترحات، لكن لم تؤخذ بعين الاعتبار.