لجأت تونس أخيرا إلى منع تصدير مادّة الإسمنت إلى الخارج بعد مفاوضات عديدة بين وزارتي التجارة والصناعة وأصحاب مصانع الإسمنت، الذين تعاملوا "بايجابية" مع هذا القرار رغم أنه ليس في صالحهم، وفق تصريحات أحد المسؤولين. وتهدف هذه الخطوة إلى تأمين السوق المحلية بالتزوّد من هذه المادّة الحيوية والتحكّم في سعرها، الذي شهد ارتفاعا جنونيا في الفترة الأخيرة بلغ إلى حدّ 14 دينار للكيس الواحد عند بائعي مواد البناء (مقابل 5800 مليم العام الماضي). وأكد مدير الصناعات المعملية ردا على سؤال للمصدر حول المدّة الزمنية، التي سيقع فرضها لمنع تصدير الإسمنت (خصوصا إلى الجزائر بعد اندلاع الحرب في ليبيا)، قال كمال الوسلاتي "إلى غاية أن يعود نشاط مصنع النفيضة". ويشار إلى أنّ مصنع النفيضة للإسمنت، بمنطقة عين مذاكر، يشهد شللا نتج عنه توقف كل الأفران، بسبب اعتصام عمالي انطلق منذ يوم 27 جوان الماضي بإحدى المقاطع التي يستغلها المصنع. وتوفر الطاقة الإنتاجية لهذا المصنع لوحده نحو 1.7 مليون طن سنويا، من بين 7.7 مليون طن كإنتاج جملي توفره 07 مصانع إسمنت بتونس، منها 06 مصانع لإنتاج الإسمنت الرمادي، ومصنع واحد لإنتاج الإسمنت الأبيض. وأكد كمال الوسلاتي مدير الصناعات المعملية أن غرفة الوطني لمصنعي الإسمنت وافقت على التخلي على جزء من مرابيحها بوقف التصدير حتى يعود الإنتاج الوطني إلى مستواه العادي ويقع الحدّ من نزيف ارتفاع الأسعار بسبب المضاربة والاحتكار، في ظلّ استمرار ظاهرة البناء الفوضوي، علما أن وزارة التجارة هي من تحددّ حصص تصدير الإسمنت لكل مصنع حسب طاقته الإنتاجية، لكن القاعدة التي تتوخاها الحكومة هو ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية من مادة الإسمنت ثمّ تصدير فائض الإنتاج إلى الخارج. ويبلغ المعدل السنوي لاستهلاك مادة الإسمنت في تونس حوالي 6.7 مليون طن. وبما أن الإنتاج الجملي يصل إلى 7.7 مليون طن في العام، فإنه يقع السماح سوى بتصدير مليون طن من الإسمنت، رغم الطلبات المتهافة من الجزائر وليبيا على الإسمنت، والتي تسبب عام 2010 في اضطراب كبير بالسوق نتيجة تراجع العرض بصفة ملحوظة. وسيخوّل وقف التصدير مؤقتا إلى توفير حوالي 80 ألف طن من الإسمنت في الأسبوع المقبل. من جهة أخرى، أكد مدير الصناعات المعملية أنّ هناك شركتين وطنيتين (إسمنت بنزرت ومصنع بالكاف) سيوردان خلال الشهرين المقبلين كمية من الإسمنت في حدود 200 ألف طن لتعديل كفة العرض والطلب. إلى ذلك، أكد نفس المسؤول أن هناك خطة للترفيع في حملات المراقبة لمنع الاحتكار ومعاقبة المخلفين، بالإضافة إلى الإجراءات الظرفية التي ستضعها وزارتي التجارة والصناعة على ذمة المصانع المتضررة للخروج من أزمة الإسمنت بأخف الأضرار.