أجمع أغلب المشاركين في فعاليات الندوة الدولية الثانية حول التغيرات المناخية، الذي عقد بنزل الشيراطون بالعاصمة، في توصيات اليوم الثاني والأخير، على أن الجزائر مهددة فعلا بتأثير العديد من الظواهر الطبيعية والبيئة مما سيرهن جميع الجهود الرامية الى تحقيق الأمن الغذائي للبلاد وكافة البلدان المتواجدة على المحاور الحمراء "عالية الخطورة" في القارة الإفريقية. وحسب خبراء من مراكز البحث في ظاهرة التغيرات المناخية، فإن حاجيات الجزائر من الحبوب سترتفع على المدى المتوسط إلى مستوى قياسي يقدر بأكثر 120 مليون قنطار و30 مليون رأس غنم و3 ملايين رأس من الأبقار، وكلها ثروات في قلب إعصار "الاحتباس الحراري والجفاف والتلوث المنجر عن النشاطات الصناعية العشوائية التي لا تحترم أدنى المقاييس والمعايير الدولية". وحسب الوثيقة العامة التي وزعت خلال الندوة وتحمل المؤشرات المرصودة على المدى المتوسط والبعيد في منطقة الشمال الإفريقي ودول إفريقيا جنوب الساحل، فإن الأمن الغذائي للجزائر في خطر بفعل تفشي أزمات عديدة، أبرزها الأزمة المالية والأزمة الطاقوية والأزمة المناخية، هذه الأخيرة تعد الرهان الأساسي الذي يواجه الحكومة الجزائرية وباقي حكومات القارة السمراء في الوقت الحالي على اعتبار أنها الأشد خطورة على ثروات الأرض، في وقت ما تزال الحاجيات الوطنية من الغذاء تسجل ارتفاعا مطردا من سنة لأخرى، وتشير التقديرات إلى أن حاجيات الجزائر من الحبوب سترتفع الى مستوى يقارب 120 مليون قنطار سنويا و30 مليون رأس غنم و3 ملايين من رؤوس الأبقار. وتشير الوثيقة الاستشرافية، الى انه وخلال العشر سنوات القادمة، وبفعل تحول النمط الاستهلاكي لأكبر البلدان المصنعة في أوروبا والولايات المتحدة والصين، والذي سيعتمد على الطاقات البديلة، ستجد البلدان المعتمدة على اقتصاد وصادرات النفط ومن ضمنها الجزائر ستجد نفسها أمام أزمة حقيقية خانقة، الأمر الذي يتطلب في الوقت الراهن الإسراع في ضبط برامج وخطط طويلة المدى لاستغلال المصادر البديلة للطاقة مثل الطاقة الشمسية والضوئية، والتحول تدريجيا نحو نظام الاستخدام الطاقوي النظيف بهدف مواكبة التطور الاقتصادي العالمي والتقليص من الآثار السلبية الناتجة عن استخدام النفط والغاز، كتراجع الإنتاج الفلاحي واختلال التوازن البيئي وانقراض أصناف وكائنات حية متنوعة، دون الاغفال عن المشاريع الرامية الى خفض انبعاث الغازات الكربونية ودمج الطاقات النظيفة للاستخدام في قطاع الصناعات الثقيلة. وأبرز العديد من المتدخلين في ورشات العمل التي نظمت على هامش هذه الندوة، مجمل التغيرات المناخية التي شهدها العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، مؤكدين أن العديد من البلدان مثل الصين واستراليا والأرجنتين، سجلت فترات جفاف غير مسبوقة، فيما عرفت بلدان أخرى وأهمها الجزائر فيضانات خطيرة كالتي سجلتها ولايات غرداية وبشار وأدرار وتيارت وتيسمسيلت، والتي نجمت عن هشاشة أصناف الأتربة في هذه المناطق بفعل التغيرات المناخية. وكان التقرير الأخير الصادر عن المعهد الوطني للتغيرات المناخية التابع للأمم المتحدة، قد كشف أن العديد من ولايات القطر على مستوى منطقة الهضاب العليا من تلمسان الى تبسة مهددة بانجراف الأتربة بعد تساقط الأمطار، مما يستدعي التعجيل في تطبيق البرامج الخاصة للوقاية من خطر الانجراف، خاصة في ظل تسارع التغيرات المناخية، فضلا عن الخطر الذي يهدد الإنتاج الفلاحي في ذات المناطق بفعل تغير مستويات التربة وتحول تركيباتها. من جانب آخر، حذر خبراء من تفاقم ظاهرة هجرة سكان إفريقيا نحو البلدان الشمالية في القارة التي أحصت حتى نهاية 2011 950 مليون نسمة، مؤكدين أن الجزائر ستحصي 45 مليون ساكن في آفاق 2025، مشيرين الى حجم المخاطر والضغوط التي ستنجر عن هذه الهجرة السكانية، مثل مشكلة ندرة المياه الصالحة للشرب والبطالة. كما تضمت وثيقة التوصيات محورا يتعلق بضرورة تفعيل بروتوكول كيوتو الخاص بحماية البيئة وكذا تطبيق النتائج التي خرجت بها الندوة الإفريقية حول البيئة التي عقدت بالجزائر في 2010، والتي كان من بين توصياتها وضع خارطة طريق لتفعيل البرامج الدولية للوقاية من تأثير التغيرات المناخية.