الفلاحون والصيادون والمحاجر تحت مجهر التحقيقات هذا، وحسب المصادر المتاحة لنا، فإن أكبر الكميات المحجوزة من طرف الأمن الجزائري، سواء الشرطة أو الدرك الوطني، كانت في أوساط الفلاحين بالدرجة الأولى، ثم في أوساط الصيادين، ثم داخل المحاجر أو في محيطها القريب. وعلى هذا الأساس، تأخذ الخطة الأمنية الجديدة في الحسبان هذا الأمر، والذي بمقتضاه سيوضع الفلاحون والصيادون والمحاجر تحت مراقبة مصالح الاستعلامات. فيما يخص المحاجر كالتي تقع في المحيط القريب لمعاقل الجماعة السلفية، مثل "محجرة بوخنفر" الواقعة في منطقة جبلية بين الثنية وأولاد علي في الجهة الجنوبية لولاية بومرداس، فأنها أغلقت تماما أو قلّ فيها استعمال المتفجرات لاستخراج الحجارة ومواد أخرى تصلح للبناء. أما المحاجر الأخرى، فقد أسندت مهام نقل المواد المتفجرة مثل "التي أن تي"، إلى وحدات أمنية خاصة تعاين العملية إلى آخرها وترفع بصفة منتظمة تقارير أمنية مضبوطة بشأن هذه المواد. ويبقى مشكل استعمال الفلاحين للأسمدة، هو المشكل الأول لاستعصائه وصعوبة منع الفلاحين من استعمال الأسمدة، رغم أن التحقيقات الأمنية خلصت إلى أنهم الممون الأساسي للجماعات الارهابية طوعا أو كرها ومن حيث يعلمون أو من حيث لا يعلمون، من خلال بيعهم أو إعطائهم كميات من هذه الأسمدة إلى جهات لا يعلمون كيف ستستعملها مقابل دراهم معدودات، بل وقد أوقفت المصالح الأمنية فلاحين، لا سيما الشباب منهم، يعملون مباشرة في خلايا إسناد ويمونون الجماعات الارهابية مباشرة بتلك الأسمدة التي ستخلط بغيرها من المكونات الكيمياوية، لتصبح متفجرات قاتلة. وكانت أكبر عملية حجز للأسمدة الفلاحية، تلك التي قامت بها وحدة من الجيش الوطني في بسكرة منذ أشهر وكانت بقيمة 800 كلغ، وأثناء التحقيقات اعترف ناقل الحمولة وهو فلاح من بسكرة أنه كان بصدد نقل الأسمدة إلى وادي سوف لإعطائها لشخص أدت التحريات إلى أنه ارهابي معروف تابع لكتيبة "الفتح" المرابطة بين بسكرة ووادي سوف. أما بخصوص المتفجرات المستعملة في أوساط الصيادين، فهي أقرب إلى الإجرام والجنح القانونية، لأن التفجير تحت البحر ممنوع قانونا، ولكن الصيادين يجنحون إليه إذا استعصى عليهم الصيد، لأن التفجير يقتل الأسماك ويخرجه إلى السطح، حيث تنصب له الشراك، فتسهل عملية الصيد. غير أن هذه الطرق ممنوعة عالميا، لما تخلفه من أضرار جانبية على الأسماك بأجيالها اللاحقة، علاوة على أن الصيادين يستعملون مباشرة المواد المتفجرة مثل "التي أن تي". ومنذ أيام قليلة، كانت مصالح الأمن أوقفت بميناء زمورى بولاية بومرداس، شرق العاصمة، 17 صيادا يشتبه في أنهم يمدون الجماعات المسلحة بالمواد المتفجرة "الديناميت" التي يستخدمونها في صيد الأسماك. وكانت قوات الأمن أوقفت خمسة صيادين حققت معهم، ثم أوقفت بعدها 12 آخرين، بينهم صيادون وملاك سفن، يجري التحقيق معهم حاليا للاشتباه في علاقتهم بجماعات مسلحة بالولاية. كما داهمت إثر التحقيق، ميناء زموري وطوّقت مداخله قبل أن توقف هؤلاء الصيادين الذين يستخدمون "الديناميت"، وهي مادة محظورة في عمليات الصيد، حيث اشتبهت في أنهم كانوا يقومون بتوصيل هذه المادة عن طريق البحر إلى "سرية زموري" النشطة بين بومرداس ودلس.