- على مسؤولي الأرشيف الوطني الإفراج عن الوثائق لتتاح للطلبة والدارسين - توقيع المجاهد حسان الخطيب اتفاقية عمل مع جامعة الجزائر 2 بحاجة إلى مبادرات مماثلة اتفق ثلة من المؤرخين الجزائريين في حديث جمعهم بالأمة العربية، أن المذكرات التاريخية للمجاهدين تعتبر مصدرا من مصادر التأريخ مهما علا شأنها أو انخفض، وإضافة للرصيد الأكاديمي المعرفي، ولكنها –حسبهم- تبقى بحاجة إلى منهجية وقراءة نقدية متفحصة من المؤرخ الحريص على كتابة تاريخ الأمة الجزائرية، موضحين أن المذكرات التي كتبت في حينها لها فاعلية ولا تخضع لحسابات بخلاف المذكرات التي كتبت بعد خمسين سنة من الثورة نجدها تفتقد العفوية والمصداقية بنسبة مائة بالمائة، والتزوير والتباهي هما الصفتان الغالبتان على هذه المذكرات. هذا، وثمن أساتذة التاريخ بجامعة الجزائر2، اهتمام بعض الصحفيين بكتابة مذكرات المجاهدين، و التي في -نظرهم – تحتاج هي الأخرى إلى دراسة وضبط وتمحيص,,لأنه يشوبها بعض السهو و الارتجالية. داعين إلى ضرورة اهتمام الدولة الجزائرية باسترجاع أرشيفنا الوطني الموجود في دول مختلفة، و بالخصوص فتح الأرشيف الوطني للطلبة والمهتمين بالبحث في تاريخ الحركة الوطنية الجزائرية. استطلاع: دليلة قدور أستاذ دكتور في التاريخ والعلوم السياسية "عبد الحميد خالدي": '' المذكرات التاريخية بغثها وسمينها تدخل في باب الاجتهاد'' من وجهة نظري، كتابة المجاهدين لمذكراتهم أعتبرها لبنة جديدة، وأهميتها في الثقافة التاريخية تكمن في أن صانعي الحدث هم من يكتبون التاريخ وهذا شيء إيجابي، ومصدر من المصادر الأساسية، فأنا أحبذ كل مجاهد يكتب بقلمه أو عن طريق لسانه.. وبطبيعة الحال الكتابة التاريخية للمذكرات تبقى تحتاج إلى منهجية وبحث واستقصاء و دقة و تخمين.. لتضاف لبنك المعلومات التاريخية حتى يستفيد منها القارئ و الباحث و المتعلم والمثقف. وبخصوص اتجاه بعض الصحفيين لكتابة مذكرات المجاهدين، فأنا أراه مساهمة جيدة، كون أغلب الصحفيين الذين اتجهوا للكتابة التاريخية هم أساتذة في الجامعات، ومن ثم هم يملكون الطرق المنهجية والعلمية في الكتابة، على سبيل المثال: ' شاهد اغتيال ثورة' لسعد بوعقبة، و كتاب لخضر بورقعه لرزاقي، و مذكرات على كافي و الشاذلي بن جديد، فهاته الكتابات كلها مهمة ونحن نستفيد منها في التدريس من ناحية المعلومات التاريخية، لكنها تحتاج إلى نقد وتوضيح و تعميق وتدريس وضبط وتمحيص، نظرا للسهو و الارتجالية التي قد تتسم بها.. وعليه فهي تحتاج لأن تكو ن بلغة العصر حتى يفهمها المجتمع والباحث والطالب الذي يمتهن الثقافة التاريخية.. ما يمكن أن أقوله في الختام، أن الكتابات التاريخية للمذكرات لها فعالية مهما كانت، فالجيد يستفاد منه وغير ذلك يترك لجنب، ومن دماثة الأخلاق أن نعطي أحكاما على هذه المذكرات لأن كلها تصب في وعاء واحد وهو الإجتهاد في خدمة التاريخ. ومن هذا المنبر أثمن مجهودات مراكز البحث والوزارات التي تسعى لترسيخ الثقافة الوطنية. أستاذ التاريخ المعاصر "محمد قدور": "المذكرات الجديدة غير كاملة ومبتورة'' تعتبر المذكرات الخاصة بالمجاهدين إضافة جديدة للساحة العلمية، كما أنها مهمة من الناحية الأكاديمية، فمثلا المذكرات التي كتبت بعد بضع سنوات من الاستقلال، كمذكرات حسين أيت أحمد، أحمد بن بلة و فرحات عباس، لازلنا نعتمد عليها لحد الساعة، وأعتقد أن لها أهميتها أكثر من المذكرات الحالية التي تحتاج إلى دراسة ومقارنة بوثائق أرشيفية. أنا شخصيا ما لحظته فيما يخص مذكرات "الشاذلي بن جديد" أنها مذكرات غير كاملة ولم تأتي بالجديد، ووصفتها بأنها مذكرات الشعب الجزائري للشاذلي بن جديد، لأن الأفكار التي جاءت بها كل الشعب الجزائري يعرفها. كذلك الأمر بالنسبة لشهادات طاهر زبيري، التي أخذت هالة إعلامية رغم أن الشهادات التي تحويها قديمة..صحيح أن المذكرات الجديدة هي إضافة، ولكن ليس لها فاعلية إلا إذا أتبعت بشهادات مضادة. وما تجدر الإشارة إليه، أن اتجاه بعض الصحفيين لكتابة مذكرات المجاهدين هو شيء إيجابي، إذا كان على شاكلة كتابات الصحفي 'محمد عباس' بدليل أن له إنتاج غزير في التاريخ، ومن ثم أن أعتبره مؤرخا أكثر منه صحفي، فكتابة التاريخ من قبل الصحفيين ينبغي أن تكون محاطة بكم هائل من الدراسات والمعلومات. ما يمكن قوله عموما، أن تاريخ ثورتنا لم يكشف كل ما في جعبته، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لما اطلعت على الأرشيف الموجود ب إكس بروفنس' وجدت وثائق جد هامة في تاريخ الجزائر..وهي قنبلة موقوتة، غير مسموح بها للباحثين إلا في حدود سنوات 2030و 2040 و2058. والأمر نفسه بالنسبة للأرشيف الوطني فهو غير متاح بالنسبة للطلبة والباحثين، نظرا لطريقة تسييره التي لا تبعث على الإرتياح.. لا أدري ..لماذا هذا الاحتكار، على الرغم من أنه قد تخرج تصريحات تقتل قيمة الوثائق التي يحوزها.. إضافة إلى الأرشيف الذي بحوزة بعض الأشخاص والمجاهدين و لا يفرجون عنه إلا في المناسبات!! ما أتمناه.. أن يفعل صناع الثورة، ما ذهب إليه المجاهد "حسان الخطيب" في توقيع اتفاقية عمل مع جامعة الجزائر2، من خلال إعطائه أرشيف الولاية الرابعة ل "مخبر الوحدة المغاربية عبر التاريخ"، لأن صراحة الدراسات التاريخية في الجامعة أضحت مستهلكة، و تفتقر للمادة الأولية.. فنحن نعمل بنفس المصادر بنفس المراجع والشهادات. المؤرخ "بشير سعدوني": ''المذكرات تحتاج إلى تمحيص وكتابة تاريخنا مرتبطة باسترجاع أرشيفنا بفرنسا'' حسب رأيي الخاص، المذكرات التي كتبها صناع الثورة هي قليلة جدا وغير كافية، فالكثير منهم غادرونا ولم يتركوا شهاداتهم للأجيال المقبلة.. وهذا خطأ كبير منا جميعا، فللأسف ما كتب ضحل مقارنة بما كتبه الفرنسيون بما فيهم الجندي والضابط والسياسي والصحفي، فنحن في الجزائر لم نكتب تاريخنا ,,حتى المذكرات التي وجدت فيها ما يقال لأننا أحيانا نجد تناقضات، يعني اختلافات كبيرة لا أريد ذكر الأسماء,, ما لحظناه هناك من يقول كلام، ويأتي شخص أخر يفنده تفنيدا قاطعا وهذا شيء طبيعي، و هناك نسبة كبيرة من المذكرات كتبت في أخر عمر المجاهد، من ثم يشوبها النسيان أو التباهي بأمور لم يقم بها. فالمذكرات هي فعلا مصادر هامة، تحتاج إلى غربلة وتمحيص وتأكد من الحقائق، ولا يمكن أن نأخذها كما هي لأن فيها بعض الشوائب. وأريد أن أنوه في هذا المقام، للمذكرات التاريخية المنجزة في الجامعات، والتي يستحق البعض منها النشر والالتفاتة من قبل دور النشر المعية أو وزارة الثقافة، التي بدأت تهتم مؤخرا بنشر الكتب التاريخية، لأن هاته الدراسات تناولت جوانب هامة من تاريخنا الوطني. وحسب تقييمي الخاص، فالمذكرات التي كتبت من طرف فرحات عباس، وبن يوسف بن خدة، وغيرهم مثل بن بلة وعلي كافي والشاذلي.. هؤلاء قمة، لأنهم صنعوا تاريخ الثورة، وكلامهم يوزن بالذهب مع ذلك نجد بعض الاختلافات..فمثلا علي كافي لما تكلم على عبان رمضان وقعت احتجاجات، ولذلك عندما نجد شخصيات أخرى كرابح بيطاط شخصيات فاعلة لم تكتب لنا أشياء فهذا نقص كبير.. وعلى الرغم من قلة كتابة المذكرات التاريخية، فلا يمكنا أن نقلل من أهمية ما هو موجود، صحيح كنت أتمنى أن تكون بكثرة حتى نستطيع من خلالها أن نستقي الحقائق، ونقارن بين هاته وتلك، لنتوصل إلى الوقائع الأقرب إلى الحقيقة، والتي نحن بحاجة إليها لكتابة تاريخ الثورة الجزائرية، لاسيما وأن الأرشيف الفرنسي يحتوي على وثائق هامة، ولازال مغلق في وجوه الباحثين، وبالتالي نحن لا نستطيع أن نكتب تاريخ الثورة بطريقة موضوعية ومنطقية في ظروف كهاته، قبل أن تتوفر لنا مختلف المصادر بما فيها المذكرات، لأن الأرشيف الجزائري قليل إذا ما قورن بما هو موجود في دول عديدة كفرنسا وتركيا وغيرها من الدول. يبقى أن نقول في ختام جولتنا الاستطلاعية، أن المذكرات التاريخية للمجاهدين على قلتها تبقى تساهم لا محال في توفير المادة الأولية للمؤرخين في ظل وجود نوع من الحرية الفكرية، إلا أن المؤرخ الجزائري يبقى يتخبط بين قلة المصادر، وعدم تمكنه من الإطلاع على الأرشيف الموجود في الجزائر وخارجه، إضافة إلى الأرشيف الموجود في أدراج وخزائن الخواص، لاسيما من طرف المجاهدين الذين تقلدوا مسؤوليات خلال الثورة التحريرية..هي إذن عقبات ينتظر التفريج عنها من جهات مختلفة لكتابة تاريخنا للأجيال.