اختتمت ليلة أول أمس فعاليات مهرجان الجزائر الدولي للمسرح، في دورة إفريقيا، بمنح جوائز تكريمية لكل المسارح المشاركة سواء الإفريقية أو المحلية. على مدى 14 يوما تعاقبت على ركح بشطارزي، وقاعة الحاج عمر، وقاعة الموڤار بالعاصمة، حوالي 32 عملا مسرحيا من 16 مسرحا إفريقيا، و16 مسرحا جهويا جزائريا. وسمح المهرجان للمتلقي الجزائري بمشاهدة أعمال إفريقية لا تختلف كثيرا في مضمونها وهمومها عن الواقع الجزائري والعربي بل أحيانا تنطبق بكل جزئياتها وتفاصيلها على الحياة الاجتماعية والسياسية للجزائر. وتضمنت هذه الأعمال العديد من المواضيع السياسة والاقتصادية والاجتماعية، التي تشكل راهن القارة الإفريقية، ونوقشت على خشبة المسرح بطريقة احترافية، أكدت قدرة المسرح الإفريقي في صياغة طريقته الخاصة للتعبير عن قضايا قارته السمراء. بين العبث والفكاهة وبين العبث والفكاهة، والدراما تشكلت قوالب المسرحيات، التي اعتمدت على بساطة الديكور وإيحائية السينوغرافية التي لم تستغن عن الغناء وموسيقى التراث الإفريقي. وكان واضحا جليا تمكن الممثل الإفريقي من تقمص الدور، وقدرته على المحافظة على ريتم الآداء من بداية العرض إلى غاية نهايته، وهي ميزة قل ما يتمتع بها الممثل الجزائري، وقد ينعدم منها المسرح الأوربي خاصة المتعود على الأداء الكلاسيكي، إضافة إلى الاشتغال الواضح على مخارج الحروف والصوت، بشكل مكن ممثل على خشبة من الغناء دون عناء. ما أعبناه على المسارح الإفريقية تأثرها الشديد بالمسرح الأوربي من خلال الخطاب المباشر، وشخصية الراوي والإطار العام للمسرحية ونذكر على سيبل المثال مسرحية "فصل في الكونغو" للمسرح السينغالي، ومسرحية "على الجمر" لمسرح كونغو برازافيل، هذا التأثر الذي يلغي في بعض الأحيان خصوصية المسرح الإفريقي، التي لا نلمسها في كل ما قدم إلا في السينوغرافيا من خلال لوحات الغناء والموسيقى، في الوقت الذي كان من الممكن جدا أن توظف كل التقاليد والأعراف والرؤى اللاهوتية المميزة للمجتمع الإفريقي الأعمال المقدمة . الخلط بين السينما والمسرح إضافة إلى تأثر معظم الأعمال بتقنيات الإخراج السينمائي، إذ لم نسجل على الركح أي إخراج مسرحي متميز، فكان العمل أقرب إلى فيلم السينمائي يصور على المباشر، تم التركيز فيه على قوة النص، وقوة آداء الممثلين. المهرجان افتقدكذلك إلى حضور المسرحيين الجزائريين الذي تغيبوا عن كل الفعاليات المبرمجة في هذا الحدث، الذي تغيب عنه كذلك الجمهور الجزائري، مقارنة مع الحضور الذي سجل في المهرجان الوطني لمسرح المحترف المنظم في شهر ماي الفارط. وعبر المسرحيون الجزائريون عن استيائهم من أن تمنح محافظة مهرجان الجزائر الدولي للمسرح كل تلك الميزات إلى المخرج الفرنسي إيفون ريموف الذي استفاد من دعم المحافظة لإخراج عملين عرضا أثناء فعاليات المهرجان، بينما لم يستفد من هذا الدعم إلا المخرج الجزائري أحمد خودي عن عمله بطون مملوءة وبطون جائعة". وأخرج ريموف مسرحية "القصر" التي أنجزها في إطار ورشة تكوين استفاد منها هواة من ولاية تمنراست وحسب مصادرنا فإن إيفون قد تقاضى مليار سنيتم على العمل وقدم مسرحية "الصحراء الأخيرة" التي اقتبسها رابح حسين. ايفون ريموف الذي اعتاد على الإقامة في الجزائر منذ إخراجه مسرحية "الموقف الإجباري "بالفرنسية عن نص محمد بن قطاف، قد أشرف كذلك على العديد من الأعمال المسرحية والورشات، آخرها ورشة التمثيل التي برمجت في المهرجان، وربما جعل الكثير من الجزائريين يتساءلون "هل نفتقد إلى مسرحيين حتى نستنجد بمساعدة فرنسا؟