ورطت الجماعات الإرهابية المسلحة نفسها بدخولها مغامرة الشبكة العنكبوتية، وفقدت قدرتها على السيطرة على عقول السذج منهم بعدما راهنت على تقنية جديدة متطورة دون معرفة تسييرها وفق العقلية الجزائرية ليكتشفوا أن هؤلاء الذين اكتووا بنار الفتنة طيلة أزيد من 15 سنة لن يسقطوا في شرك الدعاية الإرهابية رغم الألفاظ الطنانة واعتماد التأويل التي تتماشى ومنهجها الإجرامي . تراجع تأثير تنظيم ما يعرف " بالجماعة السلفية للدعوة و القتال " في الشباب الجزائري في الفترة الأخيرة بحيث عجزت عن تجنيد إرهابيين جدد في صفوفهم ولم يتمكن القادة من إيجاد وسيلة إقناع تجعل الإرهابيين يعلنون عصيانا مسلحا ضد الدولة الجزائرية وشعبها إلا تحت طائلة التهديد انطلاقا من عمليات الترهيب وسبق لهم أن أرغموا كثيرين على الالتحاق بصفوفهم خاصة بالجهة الشرقية لبومرداس والمناطق الحدودية مع تيزي وزو أو من خلال توريطهم في أعمال مشبوهة تجعلهم يلتحقون بالجبال خشية زجهم في السجن، كما حدث مع انتحاري مقر الفرقة المتنقلة للشرطة القضائية بالثنية في جانفي من عام 2008 والذي التقى بالجماعات الإرهابية بدوار حاج أحمد المعزول واضطر إلى محادثتهم خشية منهم ليلتقي بهم مجددا بالصدفة فأوهموه أنه محل بحث من طرف أجهزة الأمن لأنها تعتقد أنه يتعامل مع الإرهابيين فانضم إليهم وحول نفسه إلى انتحاري في ظرف زمني قصير . وبعد الطريقة التقليدية التي لم تعد تنطلي على المواطنين والممثلة في تعليق مناشير في القرى والمداشر وكذا الأحياء المعزولة بالتركيز على انتقاد الحكومة الجزائرية وتحميلها مسؤولية ما لحق بالعرب من نكسات متتالية مع المطالبة بضرورة التمرد عليها لتخليص المسلمين من مشاكلهم بأسلوب خطابي فيه الكثير من الوعيد على من يتجرأ ويعلن عداءه للعناصر الإرهابية التي يحرص المكلف بتحريرها على تصويرهم كأبطال مهمتهم تخليص الجزائر والأمة الإسلامية من مشاكلها وبين الفينة والأخرى يحذرونهم من بعض الأعمال كمحاولة منع المواطنين من سهرات شهر رمضان، جاء دور الإنترنيت التي أعطاها أتباع درودكال طابعا آخر بالموازاة مع إعلان الانضمام إلى القاعدة فاستغلوها لتمرير الرسائل الملغمة الداعية الى ضرورة الالتحاق بجماعات الإجرام والتنظيمات المتعطشة إلى دماء الجزائريين، وأوكل قادتها أهمية كبيرة إلى المسؤول الإعلامي المكلف بعمليات الاتصال سواء كان المتلقي عناصر إرهابية أخرى تسعى لإيجاد قاسم مشترك بينها أو هم الشباب المهمش الذي يبحث عن متنفس افتراضي خارج عالمه الذي لم يستطع الاندماج به ، إلا أن التنظيم وبعد تجربة دامت حوالي 05 سنوات اكتشف أنه عبثا يحاول إقناع المواطنين الذين أضحوا على درجة معينة من الوعي تمنعهم من تصديق ما يسعى الدمويون إلى ترسيخه في أذهانهم خاصة وأن علماء الدين قد أجمعوا على أن المسلحين في الجبال الجزائرية خوارج جدد ظهروا لزرع الفتنة وقتل الأبرياء دون رحمة باسم الدين الذي أكدوا أنه براء منهم إلى يوم القيامة .. وتيقنت الجماعات الإرهابية المسلحة من فشلها الذريع في تعبئة الشباب للالتفاف حولها ولم ينفعها حتى محاولة إغرائهم بالأموال ومحاولة شراء ضمائرهم ، وفقد أتباع درودكال الوسيط الممثل في شبكات الدعم و الإسناد بعد تمكن مصالح الأمن من السيطرة على الأوضاع الأمنية بالمناطق الحضرية التي كانت فيه الخلايا النائمة تعيش في الخفاء بعيدا عن المراقبة واستطاعت أن تجفف منابع التمويل وتضع حدا لعشرات المتورطين في ظرف زمني قصير حتى أضحى البحث عن طريقة تواصل الإرهابيين بالمواطنين أشبه بالمستحيل ولم يعد بالإمكان تقديم جرعات التجنيد التي كانت تعمد إليها فيما مضى .