عاد المغرب، مرة أخرى، في حلقات مستمرة لا تنتهي، إلى اتهام الجزائر بعرقلة جهود بناء المغرب العربي. وصعّد الوزير الأول المغربي وزعيم حزب الاستقلال، عباس الفاسي، من وتيرة الاتهام ضد الجزائر حين اعتبر أن الجزائر تبحث من خلال دعمها لقضية الشعب الصحراوي إلى محاولة فرض هيمنة على المنطقة. كما ذهب المسؤول المغربي بعيدا في اتهامه حين قال "إن الجزائر تعرف خروقات مستمرة لحقوق الإنسان، ليس في تندوف فحسب، بل في جميع أنحاء التراب الجزائري". وجدد عباس الفاسي خلال مهرجان نظمه حزب الاستقلال الذي يتزعمه بمناسبة الذكرى 66 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، اتهامه للجزائر بأنها "تعاكس المغرب في وحدته الترابية من أجل الهيمنة على المنطقة"، على حد قوله. والملاحظ للاتهامات المغربية للجزائر، يرى أنها تتصاعد بوتيرة عالية منذ بداية العام الماضي في محاولة للتأثير على القرار الجزائري، حيث لا يفوت المسؤولون المغاربة أي فرصة للتهجم على الجزائر، ويبدو اتهام الجزائر بخروقات إنسانية في تندوف غريبا وغير منطقي، بعدما كشفت المنظمات الإنسانية المختلفة تجاوزات العرش المغربي في حق الصحراويين داخل السجون المغربية وممارسة صلاحيات مطلقة ضد الأسرى الصحراويين من طرف قوات الأمن المغربية، وقضية الناشطة الحقوقية أميناتو حيدر ليست ببعيد، التي حرمها نظام المخزن من التنقل إلى وطنها، ناهيك عن وضع السجون المغربية وما يعانيه النشطاء الصحراويون داخلها، وصلت في بعض الحالات إلى إضرابات طويلة عن الطعام. وتشهد المنظمات الحقوقية الدولية، الرسمية وغير الرسمية، بوضع اللاجئين الصحراويين في تندوف، حيث تظل أبواب الجزائر مفتوحة على أمام هذه المنظمات والتي جاءت تقاريرها دوما ضد ما تشتهي السلطات المغربية، وهذا ما يؤدي في كل مرة إلى شراسة الهجوم واتهامات الجزائر. وزعم المسؤول أن اللاجئين الصحراويين الذين وصفهم ب "المحتجزين في مخيمات تندوف، يعيشون ظروفا لا إنسانية ولا يتمتعون بأية حقوق جراء الحصار المضروب عليهم من طرف الجيش الجزائري"، وهو اتهام صريح للجيش الجزائري. وسبق للمغرب في الأسابيع الماضية أن اتهم الجيش الجزائري بالاعتداء على مغاربة في الحدود الغربية للجزائر، والظاهر أن الاتهامات المغربية صارت عادة درج عليها المغرب ويكيلها في كل مرة للجيش الجزائري وللسلطات العليا في البلاد، في محاولة منه للفت الأنظار إلى قضايا هامشية وإبعادها عن القضية الجوهرية، وهي قضية الشعب الصحراوي العادلة، التي ما زال المغرب يماطل في حلها ويبحث له عن مخرج يجعله يكرس سياسة الاستعمار إلى أجل غير مسمى. ولعل آخر هذه الاقتراحات، ما اقترحه العاهل المغربي أو ما سماه بخطة الأقاليم الجديدة، في محاولة منه لتمييع قضية الصحراء الغربية وجعلها مجرد مقاطعة مغربية خالصة.