الرئيس بوتفليقة مصمم على تنفيذ الإصلاحات..والاستفتاء قبل جوان كشفت مصادر مطلعة ل"النهار"، أمس، أن مسألة تعديل الدستور وتنفيذ الإصلاحات السياسية التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمجرد اعتلائه الحكم العام 1999 ستدخل رسميا حيز التنفيذ بداية العام المقبل حيث مقرر أن يعرض المشروع الرئاسي لتعديل الدستور الحالي في دورة طارئة للبرلمان بغرفيته فبل نهاية مع نهاية شهر جانفي المقبل على أن يحال المشروع على الشعب الجزائري في استفتاء شعبي قبل نهاية شهر جوان القادم. ويهدف المشروع الجديد إلى رفع حالة المنع أمام رئيس الدولة للترشح لعهدة رئاسية ثالثة وأيضا إلى تمكينه من مراجعة نمط الحكم و وظائف المؤسسات الأساسية في الدولة باتجاه "إضفاء المزيد من التجانس". وأوضحت مصادر "النهار" أنه رغم أهلية رئيس الجمهورية الدستورية للمبادرة بتعديل الدستور، فإنه فضل المرور عبر نواب الشعب المجتمعين في جلسة عامة واحدة، على غرار ما حدث بالنسبة لقرار ترسيم الأمازيغية كلغة وطنية، والذهاب إلى استفتاء شعبي بعد ذلك في استشارة واسعة بهدف إضفاء المزيد من الشفافية على المشروع نظرا لأهميته في مسار تطور الدولة الجزائرية، كما كان الشأن بالنسبة لميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتشير مصادرنا إلى أن خروج الرئيس من فترة النقاهة في المدة الأخيرة والترخيص الطبي له بالعودة إلى نشاطه العادي، كان وراء تحرك قوى المجتمع المدني والسياسي باتجاه إعادة مطلب تعديل الدستور وترشيح الرئيس لعهدة ثالثة إلى الواجهة، وكانت البداية، والتي يمكن اعتبارها الانطلاقة الرسمية، دعوة رئيس الحكومة وأمين عام الأفالان ، عبد العزيز بلخادم ، في وقت متزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، بغية إعطاء بعد دولي لهذه العملية السياسية على أعلى هرم السلطة، وذلك تكملة لما أعلن عنه في أول خرجة انتخابية له في المحليات الماضية، بالإضافة إلى بيان المركزية النقابية الذي أثنى على أداء الرئيس منذ 99 ودعا بوضوح وبقوة إلى إعادة ترشيحه، وما تبعها من مواقف مماثلة لكل من الإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين والتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية، وعدة تنظيمات جماهيرية أخرى. وتبرر هذه الأطراف قناعتها بضرورة إعادة ترشيح بوتفليقة لعهدة ثالثة بحتمية تأمين استمرارية الإصلاحات الجارية المنبثقة عن ورشات الإصلاح التي شملت القطاعات الإستراتيجية، العدالة، التربية، هياكل الدولة، تجنبا لما عرف من قبل من منطق التكسير لإعادة البناء عند بداية كل عهدة رئاسية جديدة، إلى جانب تجسيد النظام الرئاسي لتحقيق تكامل وتناسق في أدارة الشؤون العامة وتحمل المسؤوليات، في سياق منطق يؤسس لجمهورية ثانية بدأت صياغة ملامحها منذ نهايات التسعينيات. كما يطرح هؤلاء أيضا غياب بديل أو منافس جدي يملأ كل الفراغات والأصعدة الداخلية والخارجية، ويضمن التوازنات داخل السلطة ومؤسسات الدولة، مشيرة إلى ما تحقق خلال العهدتين من استقرار وعودة للأمن من خلال استكمال تدابير السلم المصالحة الوطنية، وإعادة دور الجزائر على الصعيد الأفريقي ، العربي ،الإسلامي ،المتوسطي والعالمي، كما كانت عليه في المحافل الدولية قبل الأزمة الأمنية التي أغلقت كل المنافذ أمام تطلعات الشعب الجزائري، وذهبت إلى حد تطويقه ومحاصرته، وسط ابتزاز ومساومات متبجحة من أطراف معروفة. وتشير بعض المصادر المهتمة إلى أن المشروع يتضمن 46 تعديلا، منها قرابة 20 مادة جديدة، ترفع تحديد العهدات الرئاسية، تنظيم السلطات بما يجسد تناسقها وهرمها، ضبط العلاقات بين السلطات الثلاث ، وخاصة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ، بالإضافة إلى تأسيس منظومة دستورية تعني بمجال حقوق الإنسان، وإنشاء مجموعات إقليمية جديدة ، تترجم ما تردد عن التسيير الجهوي واعتماد تقسيم إداري جديد، واقتراح إمكانية تعيين رئيس الجمهورية لنائب له مع تحديد صلاحياته.