هي شابة في الثلاثينات من العمر، من مواليد ولاية باتنة، «شاوية» أبا عن جد، درست الإعلام الآلي في جامعة الحاج لخضر، وقبل تخرجها كمهندسة دولة تعرفت على شاب يمني يدعى «باسم عمر سالم ذيبان»، كان يدرس هو الآخر في جامعة الحاج لخضر فرع الإلكترونيات قسم التحكم من سنة 2005 إلى 2011، فقررا الزواج من بعضهما البعض والانتقال للعيش في عدنمسقط رأس الزوج، وهناك تقول نسيمة «بشقة» في حديثها مع « النهار» خلال لقاء جمعنا بها في مسكن قديم مستأجر في حي بوعقال بباتنة، أنها عاشت 5 سنوات مع زوجها وعائلته في اليمن، وكأنها فرد من العائلة منذ سنوات، خاصة بعد أن وفق زوجها في الحصول على منصب عمل في مصنع للحديد، ووجد لها عملا كأستاذة في إحدى المدارس، لكن انقلاب الأوضاع الأمنية في محافظة عدن رأسا على عقب، أخلط أوراق هذه العائلة التي وجدت نفسها هاربة إلى الجزائر في رحلة ما كانت لتنتهي بسلام لولا حنكة الدبلوماسية الجزائرية في التعامل مع القضايا العربية ومنها القضية اليمنية . من عدن إلى منفذ الطوال الحدودي مع السعودية .. رحلة الجحيم بعد أن شهدت اليمن تدهورا أمنيا توالت أحداثه سريعا، خصوصا بعد سقوط عدن في يد الحوثيين وسيطرتهم الكاملة على كل منافذ المحافظة، تحول الرعايا الأجانب إلى صيد ثمين من طرف الحوثيين، سواء بقتلهم أو اختطافهم وتوظيفهم كرهائن، وفي ظل مغادرة السفير الجزائري كمال حجازي للتراب اليمني غداة الأحداث، حلت القنصلية الجزائرية في جدة محل سفارة اليمن، فأعطت أمرا للرعايا الجزائريين بضرورة المغادرة الفورية لكل مناطق التوتر وفي أسرع وقت ممكن، وهنا يروي الزوج اليمني «سالم ذيبان»، كيف كان الحرص الشديد لقنصل السعودية على ضمان خروج آمن لعائلته والعائلات الجزائرية ال6 الأخرى، حيث كانت اتصالات القنصل به هاتفيا لا تتوقف طوال رحلة الخروج من عدن إلى منفذ طوال السعودي على مدار 18 ساعة كاملة، وهي الرحلة التي كانت من تخطيط وتنفيذ وتأطير السلطات الجزائرية، لكن ما كانت لتنتهي بسلام لولا الموقف الوسطي للجزائر اتجاه القضية اليمنية، إذ أكدت الزوجة «نسيمة»، أن الحوثيين كانوا يخلون سبيلها وسبيل زوجها بمجرد أن يعلموا بجنسيتها الجزائرية، على عكس الرعايا الخليجيين والسعوديين والمصريين الذين قتل الحوثيون العشرات منهم. منفذ الطوال الحدودي.. نهاية رحلة رعب وبداية مواقف أخرى تحسب للخارجية الجزائرية بعد وصول الحافلة التي كانت على متنها هذه العائلة وعائلات جزائرية أخرى بسلام إلى منفذ الطوال الحدودي بين اليمن والسعودية، تقول «نسيمة» أنها كانت خائفة جدا من رفض السماح لزوجها بالتنقل معها إلى الجزائر، لأنه كان بلا تأشيرة ولا إقامة ولا أية وثيقة تنقل، لكن مندوب القنصل الجزائري تدخل ولعب دورا كبيرا في ضمان مرافقة الزوج اليمني لزوجته وابنه الرضيع، على اعتبار أن هذه العائلة أصبحت عائلة مختلطة جزائرية يمنية، ثم إن السلطات الجزائرية رفضت فكرة الفصل بين زوجين أحبا بعضهما وتزوجا وأنجبا طفلين رغم الأميال التي تفصل بين مسقط رأس كل طرف، وفوق كل ذلك، فإن الزوج اليمني اختار الجزائر في وقت سابق لاستكمال دراسته الجزائرية وأثبت خلال ذلك حسن سيرته. اهتمام السلطات الجزائرية برعاياها امتد بحثا وسط الجثث عن الابن المقتول في انفجار مسكن عائلة « ذيبان» وعودة إلى بداية الأزمة اليمنية، وقبل مغادرة عائلة « ذيبان « لمحافظة عدن، كان مسكنها قد تعرض لتفجير سوّى السقف بالأرضية، أين قُتل تحت الأنقاض الإبن الأكبر البالغ من العمر 4 سنوات ونصف، ونجا بقية أفراد العائلة بأعجوبة، ونتيجة لتسارع الأحداث فرت العائلة إلى الجزائر من دون التمكن من العثور على جثة ابنها المقتول، لكن السلطات الجزائرية بقيت على تواصل يومي مع عدة أطراف هناك في اليمن باحثة عن الجثة، وهو ما تؤكده الزوجة «نسيمة» التي تقول بأن السلطات الجزائرية عرضت عليها عدة مرات صور لجثث أطفال قتلوا إثر القصف، على أمل أن تكون إحداها تتعلق بصورة ابنها، لكن من دون جدوى، رغم أن تلك المساعي ما زالت متواصلة إلى يومنا هذا. اليوم، تعيش هذه العائلة أوضاعا مزرية في حي بوعقال في مدينة باتنة، داخل مسكن مؤجر ب14 ألف دج شهريا تسدده جمعية «الدنيا بخير»، التي أطلق رئيسها الأستاذ الإمام بلقاسم قناني، نداء لجميع السلطات والخيرين من أجل تنظيم هبة وطنية للتكفل بهذه العائلة، عن طريق ضمان مأوى لها أولا، ثم منصب عمل لأحد الزوجين ثانيا، بما يضمن لهما حياة كريمة تنسيهما مأساة ما فقداه من أملاك في اليمن، وتخفف عليهما حرقة فقدان فلذة كبدهما الذي لم يتمكنا حتى من استرجعاه جثته.
موضوع : القصة الكاملة ل شاوية عايشت جحيم الحرب بين آل سعود والحوثيين 2.00 من 5.00 | 1 تقييم من المستخدمين و 1 من أراء الزوار 2.00