شيع، صباح أول أمس، جثمان شهيد الواجب الوطني، الشرطي خوالدية عز الدين، الذي راح ضحية العملية الجبانة التي استهدفت الموكب الأمني المكلف بنقل أوراق أجوبة تلاميذ التعليم المتوسط لبلدية تمزريت بولاية بومرداس مساء يوم الثلاثاء الماضي، في موكب جنائزي ضخم ومهيب. جنازة الفقيد عرفت توافد حشد كبير من مواطني بلدية المشروحة وما جاورها، بل أن حتى أصدقاء المرحوم من ولايات أخرى، لم يفوتوا فرصة إلقاء النظرة الأخيرة على صديقهم وزميلهم. كما كانت السلطات الأمنية والعسكرية بالولاية حاضرة، حيث تكفلت محافظة الشرطة لولاية سوق أهراس ورئيس أمن الولاية وعدد من القياديين والإطارات بجهاز الشرطة، بكل إجراءات مراسيم الجنازة، إلى جانب حضور ممثل عن المدير العام للأمن الوطني، وقائد القطاع العسكري وممثل المجموعة الولاية للدرك الوطني. وبين البكاء والزغاريد، ووري المرحوم التراب بمقبرة المشروحة، فيما كانت الوفود من معارفه تتوافد دون انقطاع، حتى زملائه وأهاليهم من العاصمة ومن المنطقة، أبوا إلا أن يشاركوا فراق رفيق دربهم، فتحولت بلدية المشروحة إلى محج كل من عرفوا الشهيد أو عائلته، فلا حديث في أوساط الشباب والشيوخ على حد سواء إلا على خصال المرحوم. والده ذو77 من عمره، وهو على فراش المرض، لم يجد ما يواسي به نفسه سوى تكرار عبارة ''لله ما أعطى وما أخذ''، فيما كانت والدته في وضعية نفسية جد حرجة، بسبب ما أصابها بفقدان آخر العنقود في أسرتها. عز الدين.. ''معزوزي'' العائلة ومدلل أصدقائه هو ابن بلدية المشروحة التي تبعد حوالي 18كلم عن عاصمة الولاية سوق أهراس. من مواليد 18 ماي 1981، وهو أصغر إخوته، التحق بمدرسة تكوين أعوان الشرطة في نوفمبر 2006، وبعد 9 أشهر كفترة تربص بالمدرسة، حول إلى ولاية بومرداس، وكلف بسياقة سيارة الشرطة القضائية المتنقلة. يقول عنه زملاؤه ممن عرفوه خلال فترة التربص أو العمل في هذا الميدان، أنه شاب مرح، متخلق ومحبوب من طرف الجميع، حيث كان بشوشا ودائم المزاح، وكانت تستضيفه عائلات زملائه وكأنه واحد من أفراد عائلتهم. استحضر أصدقاء وأهل الشهيد، ما عاشوه رفقته أسبوعا قبل استشهاده، أين كان في عطلة قصيرة قضاها بمقر سكناه بالمشروحة، يقول بعض من حدثناهم من معارفه وأصدقائه، أن المرحوم كان يبدو من خلال سلكوكاته كأنه في زيارة توديع لهم، حيث أنه أكثر من التودد لوالدته ووالده وأخواته، وحرص على استضافة كل أصدقائه في بيت أهله.. وكان من حين لآخر يتحدث عن الأوضاع الأمنية... ورغم كل هذا كان متمسكا بأمله في الحياة وبناء أسرته الخاصة، حيث أطلع والدته على موضوع فتاة أحبها وأحبته، واتفق مع أهله على خطبتها مباشرة بعد انتهاء امتحانات شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، التي كلف بتأمين حسن سيرها رفقة زملائه. كما وعد الشهيد عز الدين أصدقائه، بعد عودته إلى المشروحة خلال هذا الشهر، بالجلوس معهم لضبط برنامج عطلتهم الصيفية، لكن يد الغدر والإجرام وضعت حدا لتطلعات وأحلام شاب، ما زال لم ير من دنياه سوى أضغاث أحلام لم يكتب له أن يحققها.