قد يكون سهلا الحصول على معلومات من داخل وزارة الداخلية الجزائرية، ومن أعماق مبان الأمن، لكن من الصعوبة بمكان، إن لم نقل من المستحيل الحصول على أبسط شيء عن شؤون المنتخب الجزائري الذي صار مقفلا وكأنه ''سجن غوانتانمو''، والأصعب من هذا وذاك الحصول على تصريحات صحيفة. فعندما تطلب مدربا، أو مسؤولا يصد الأبواب في وجهك ويأبى التصريح، لكنه يشبعك بعبارات غاية في اللطافة يكون ختامها جملة ''اعذروني، إنها الأوامر''، قد يكون منع المدربين من الظهور الإعلامي مفيدا في بعض الحالات في فترة الأزمات والنتائج السلبية، تفاديا لأي تململ، لكن الأمور على مستوى ''الخضر'' تسير على وتيرة جيدة، مع تأهل الى المونديال بعد 24 سنة من الغياب، جعل المنتخب مادة دسمة لكل الصحف وجعل أخباره مصدر الإهتمام الأول لفئة عريضة من الشعب الجزائري، ربما يريد روراوة بهذه الطريقة أن يعاقب الصحفيين ويدخل الجميع إلى بيت الطاعة، وربما يريد أن يجعل من أشخاص تعرضوا إلى الإنتقاد مثل غيرهم ممن تقلدوا المسؤوليات، ومثل غيرهم من الشخصيات العمومية التي ليست منأى عن النقد، مقدسين لا يمكن لأي كان أن يرفع قلمة عليهم، ومهما يكن فإنه يبقى من غير اللائق أسلوب تكميم الأفواه الذي لجأ إليه ''الحاج روراوة'' في هذا الوقت، لأنه ليس له ما يبرره، كما أنه لا يعطي الصورة الصحيحة والشفافية المطلوبة بالنسبة لمنتخب أموره ''عالي العال'' كما يقال، من المفروض أنه منفتح عن الإعلام، لأننا لسنا أفضل من الأوربيين (الحديث عن كرة القدم) عندما ينقدون مدربيهم، ويقسون عليهم، فالنتائج هي الصديق الوحيد للمدرب، وخير مثال على ذلك دومنيك المدرب الفرنسي الذي تعرض لأقسى الإنتقادات التي يمكن تصورها، لكنها بقي جلدا ولم ينحن، كما لم يتصرف بأي طريقة حمقاء لأنه قوي من الناحية النفسية، وفي الوقت الذي تواصل الصحافة الفرنسة حملتها عليه، يواصل تحضير منتخب بلاده للسفر إلى المونديال بطريقة عاية جدا وهو على علم أن هذه الإنتقادات تدخل في إطار مخاطر المهنة التي يتلقى عليها آلاف ''اليوروات'' شهريا، وبالإضافة إلى هذا فإن الكثير من المدربين العالميين ليسوا بمنأى عن النقد، منهم حتى كابيلو الذي تم التشكيك في إيطاليا في قدرته لما كان يدرب ''الأزوري''، ورغم ذلك لا يحمل أي حقد على الصحافة، هذه الأخيرة عندما نتحدث عنها في الجزائر فقد سبق أن مُنعت في تربص المنتخب الوطني في فرنسا من الإقتراب، وكأن الأمر يتعلق بجواسيس وليسوا رجال إعلام، في وقت يشهد التاريخ أن هؤلاء الصحفيين ردوا بموقف مشرف ورجولي، لما قرروا تفادي نقل أي معلومات خاصة عن التشكيلة، أو التكتيك حتى لا تنتقل الى المصريين، لكن هذه الأمور لا ينتبه إليها روراوة على ما يبدو والأمور على هذا النحو تسير إلى الأسوأ، في تربص إيطاليا القادم وقبل السفر إلى كأس العالم. هذا الإتجاه يفرض من الآن إعادة النظر في السياسة المتبعة مع الصحافة، وتفادي بعض السلوكيات التي أتى عليها الزمن، بتكميم الأفواه وترك الحرية للجميع في التصريح، لأن المنتخب ملكية للجميع، ولا يمكن معاقبة صحفيين لأنهم انتقدوا من باب الغيرة على المنتخب، كما لا يمكن إن أخطأ صحفي واحد معاقبة الجميع مكانه، ثم إن معاملة بعض القنوات الأجنية وترك فرنسيين يركبون مع اللاعبين، يأكلون ويبيتون معهم، أمر غير مقبول وسجله التاريخ، وإن لم تسجله أقلام الصحفيين بالإنتقاد وبقي الأمر مركزا على بعض الهفوات والأخطاء البشرية التي ترتكب على مستوى التسيير الإداري والفني.