لعدم توفر الهياكل وتوجه أغلب أطباء الأمراض العقلية للعمل في الخارج تزايد الاستشارات الناجمة عن ضغوطات أرباب العمل على مستخدميه كشفت الإحصائيات الأخيرة حول الصحة العقلية في الجزائر، عن معاناة 5 ملايين جزائري في الجنوب الكبير من انعدام كامل في التغطية الصحية. من حيث طب الأمراض العقلية، فضلا عن وجود 12 ولاية من ولايات الوطن عاجزة عن علاج مرضاها. وحسبما أكده مختصون في الأمراض العقلية ل«النهار»، على هامش الدورة التكوينية لفائدة الأطباء العامين بحسين داي، فإن مركزي العاصمة والبليدة المتخصصين في علاج الأمراض العقلية، يعانيان من اختناق تام، نتيجة توافد مئات المرضى من باقي ولايات الوطن، لعدم وجود متخصصين ومراكز متخصصة للتكفل بهذه الشريحة. وأضاف المختصون، أنه من حيث المناطق، لا تتوفر 12 ولاية على أي خدمة في الأمراض العقلية على المستوى الجواري، حيث يمثل علاج مرضاها مشكلة حقيقية، كما تعتبر ولايات الجنوب الأكثر تدهورا ومن دون أي علاجات ذات مستوى عالٍ، وتشمل كلاًّ من ولايات أدرار، بشار، البيض، تندوف، النعامة، الأغواط، بسكرة، تمنراست، ورڤلة، إليزي، الوادي وغرداية، حيث يعاني 5 ملايين جزائري من عدم وجود هياكل مؤهلة للعلاج. أما الهضاب العليا، فإنها تتوفر، حسب ذات المصدر، على مصلحة واحدة فقط في طب الأمراض العقلية ذات المستوى العالي، والموجودة على مستوى المؤسسة الاستشفائية في قسنطينة، بالمقابل لا تتوفر ولايتا الجلفة وبرج بوعريريج على أي هيكل لطب الأمراض العقلية. وبالإضافة إلى العجز من حيث هياكل العلاج، بلغ عدد الاستشارات الإجمالي على مستوى المؤسسات الصحية المتخصصة في طب الأمراض العقلية، قرابة 890 ألف حالة، حيث احتلت الاستشارات النفسية الصدارة ب 420 ألف استشارة، مقابل نقص فادح في الأطباء المعالجين، الذين يبلغ عددهم 900 طبيب فقط، بسبب مغادرة العديد منهم البلاد للعمل في فرنسا بالنظر إلى الطلب المتزايد عليهم. وفاقت الاستشارات الاستعجالية، أزيد من 46 ألف استشارة، فيما قدرت الاستشارة الخارجية 370 ألف إستشارة، أما الاستشفاء في المصالح المفتوحة، ففاق 10 آلاف حالة، أما الغلق القضائي فتجاوز 1500 حالة. وحسب المختصين، فإن تزايد الاستشارات على مصالح الأمراض العقلية، راجع إلى الضغوطات التي يمارسها أرباب العمل ضد مستخدميهم بالنسبة للعمال، حيث تتسبب لأصحابها في الإصابة باضطرابات سلوكية حادة. وبالإضافة إلى ضغوطات العمل، يقف تراجع القدرة الشرائية للجزائريين وعدم قدرتهم على توفير أدنى متطلبات العيش، وراء تزايد الإصابات بالانهيارات العصبية، حيث أوضح الأطباء أنه خلال استجواب المرضى الخاضعين للاستشفاء، كان همهم الوحيد هو عجزهم عن تحقيق هذه المتطلبات على أرض الواقع، وإصابتهم بصدمة دماغية تسببت في إصابتهم باضطرابات عقلية متفاوتة، بسبب عدم تقبل الواقع، منها ما يعالج بتوجيهات ونصائح بسيطة، ومنها ما يتطلب أدوية والمكوث في المستشفى لأيام طويلة.