المبادرات الأولى للفرز الإنتقائي تعود إلى ثلاث سنوات مضت تشكل الديناميكية الحاصلة منذ بضع سنوات بولاية وهران في مجال فرز وإعادة تدوير النفايات نموذجا يقتدى به كمرجع بمدن أخرى للبلاد، وتعد تجربة استعادة النفايات حديثة في وهران حيث تعود المبادرات الأولى للفرز الإنتقائي إلى ثلاث سنوات مضت وكانت المنظمة غير الحكومية البيئية “أر 20 ماد” المتمركزة بالولاية قد أطلقت برنامجا على مستوى ثلاثة أحياء هي “العقيد لطفي” وحي “عدل المشتلة” وحي “الصباح”. ج. ع ويبقى حي “عدل المشتلة” الوحيد الذي لا تزال فيه تجربة الفرز الإنتقائي مستمرة بفضل وجود بوابين يحرصون على تطبيق التعليمات فيما يخص وضع النفايات القابلة للرسكلة بالاماكن المخصصة لها. ويرفض مسؤولو منظمة “ار 20 ماد” فكرة “فشل تجربة” الفرز الإنتقائي بالأحياء الثلاثة معتبرين أن ترسيخ ثقافة الفرز الانتقائي لدى المواطنين عمل طويل الأمد لا يأتي بثماره إلا بعد فترة. وتقول زهور رقيق بريكسي وهي مسؤولة التكوين على مستوى المنظمة بوهران أن دور هذه الأخيرة يتمثل في إنشاء مشاريع نموذجية من شأنها أن تفتح الطريق أمام تجارب جديدة. وترى هذه المسؤولة بأن “تجربة الفرز الإنتقائي من المصدر على مستوى هذه الأحياء سمحت بتسليط الضوء على العقبات التي يمكن أن تقف في طريق هذا النوع من البرامج”. وأضافت أن طاقم ال “ار 20 ماد” يواصل جهوده لترسيخ ثقافة تثمين النفايات حيث اطلق عدة مشاريع على غرار “خضرة: المرأة فاعل اساسي في تطوير الاقتصاد الأخضر” الذي تستمر نشاطاتة ما بين 2017 و2019. **ترسيخ ثقافة الفرز الانتقائي وقامت السلطات بتجهيز مركز الردم التقني ببلدية حاسي بونيف بمحطة نموذجية لفرز النفايات بقدرة طن واحد يوميا تم بعدها اقتناء محطة ذات سعة تفوق 100 طن يوميا غير أن التجربة أوضحت أن هذه المحطات ليست مناسبة لفرز النفايات التي تصل إلى مركز الردم التقني. وقد تم تصميم هذه المحطة التي تم اقتناؤها مقابل 200 مليون دينار لفرز النفايات الجافة التي وللأسف تصل رطبة إلى المركز نظرا لاختلاطها بالفضلات العضوية. وتقول السيدة شلال دليلة مديرة مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني بوهران أن “مزابلنا تختلط فيها النفايات الجافة والعضوية ” ما يصعب من تمريرها عبر محطة الفرز. ودفعت هذه الصعوبات بالمسؤولين المحليين إلى التفكير في حلول أكثر ملائمة على غرار مراكز الفرز المصغرة حيث حاول الوالي مولود شريفي منذ تعيينه على رأس الولاية في 2017 اللجوء إلى حلول تلائم خصوصيات الولاية. ومن بين هذه الحلول تجهيز كل البلديات (26 بلدية) بضاغطات للنفايات وإنشاء مراكز جوارية للفرز أو على الأقل أرضية لتخزين النفايات القابلة للرسكلة على مستوى كل بلدية. وقد اتت هذه الحلول البسيطة في أغلبها ب”نتائج جيدة” حيث تؤكد مسؤولة مصلحة الرسكلة بمؤسسة تسيير مراكز الردم التقني بوهران، أمينة مغربي، أن استرجاع الكرتون عرف نجاحا سنة 2018 حيث ارتفعت نسبة الكميات المسترجعة بنسبة 632 بالمائة مقارنة بسنة 2017. ** حلول مبتكرة وموارد مكيفة وقدر حجم الكرتون المسترجع بالمركز الجواري للمدينة الجديدة الذي تم انشاؤه بمحاذاة أكبر سوق بالولاية في التسعة أشهر الأولى لسنة 2018 بأكثر من 373 طنا. وعلاوة على ذلك ساهم إنشاء لجنة لرصد تسيير النفايات القابلة للرسكلة من طرف التجار في تحسين استرداد الكرتون والفيلم البلاستيكي. كما أن صعوبة استرداد النفايات المنزلية القابلة للتدوير من مصدرها دفعت مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني للبحث عن حلول أخرى حيث لجأت مديرتها الى إبرام إتفاقيات مع مؤسسات مختصة لاسترجاع نفاياتها على غرار المناطق الصناعية للولاية ببلديات حاسي عامر والسانية وأرزيو وبمينائي وهران وأرزيو وب 46 مدرسة وبجامعة وهران 2 وبمعهد اللغات الأجنبية و16 حي عسكري وغيرها. وتقول السيدة شلال أن هذه الاتفاقيات كانت “مثمرة” حيث توفر كميات مهمة من المواد القابلة للتدوير ذات الجودة ما يسمح ببيعها والحصول على مكسب مضاعف: الأول مالي من خلال بيع النفايات القابلة لإعادة التدوير في المزاد والثاني إستراتيجي حيث يتم تقليل كمية النفايات المدفونة ما يمدد من عمر مراكز الردم. ويعتقد الخبراء أن تجربة وهران للفرز الانتقائي واستعادة النفايات أمر “مثير للاهتمام” لأنه يسمح بتحديد المشاكل والتفكير في الحلول المناسبة. هذه الحلول تنطوي على فتح الحوار مع جميع المعنيين حسب مسؤولي منظمة “أر 20 ماد” وإعتماد تدابير تتكيف مع السياق الوطني، وفقا لمديرة مراكز الردم التقني. ومن جهته، يرى مدير وكالة النفايات الوطنية، كريم وامان، أن وهران من بين المدن التي تم فيها تنشيط “ديناميكية حقيقية في مجال استرجاع النفايات”، مبرزا أنه من المتوقع أن تعمم تجربة مدينة وهران إلى مدن أخرى.