محاسبة كل من له علاقة من قريب أو من بعيد بنهب المال العام تحضر مجالس قضائية عبر مختلف ربوع الوطن، لإستدعاء عن طريق محاكم إبتدائية، ولاة، رؤساء دوائر، وأميار حاليين وسابقين، لهم علاقة من قريب أو من بعيد بقضايا الفساد التي جرت مؤخرا مسؤولين بارزين في الدولة ورجال مال وأعمال إلى المحاكم. تعيش جل محاكم البلاد في الأيام الأخيرة حالة من الإستنفار، عقب تلقيها تعليمات نيابية، تقضي – وفقا لما أسرته مصادر جد مطلعة ل “السلام” – بفتح تحقيقات إبتدائية بالتنسيق مع مصالح الضبطية القضائية، مع ولاة، رؤساء دوائر، وأميار حاليين وسابقين، في إطار مواصلة التحقيقات التي تم مباشرتها مؤخرا مع مسؤولين بارزين في الدولة، ورجال مال وأعمال حامت حولهم شبهات بالفساد تتعلق في مجملها بتبديد ونهب المال العام، وإستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية. هذا وسيتم على سبيل المثال لا الحصر سماع محمد سليماني، والي عنابة السابق، في قضايا فساد عديدة منها منحه مجمع “ETRHB ” المملوك لرجل الأعمال علي حداد، حق الامتياز بالتراضي غير قابل للتحويل لقطعتين أرضيتين كائنتين بالمنطقة الصناعية لبلدية برحال بمساحة إجمالية قدرها 166 هكتارا و37 آرا لإنجاز مركّب للحديد والصلب بشراكة إيطالية، وكذلك موسى غلاي، والي تيبازة السابق، الذي تم سماعه أول أمس من طرف قاضي التحقيق لمحكمة الولاية، في قضية الحصول على مزايا غير مشروعة و”البزنسة” في العقارات وهي القضية التي ورد فيها إسم عبد الغني هامل، المدير العام السابق للأمن الوطني، ونجله. وتأتي هذه الخطوة بعدما قررت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، كما إنفردت به “السلام” في أعداد سابقة، جرد مداخيل ونفقات الولايات والبلديات في السنوات ال 10 الأخيرة، والتدقيق أيضا في طرق صرف ميزانياتها، ما يستدعي فتح تحقيقات إبتدائية من المرتقب أن تشمل ولاة وأميار حاليين وسابقين، وذلك من أجل الوقوف على الثغرات المالية المسجلة طيلة هذه الفترة، وتحديد المسؤولين وكذا الضالعين في عمليات نهب وتبديد المال العام تحت غطاء إنجاز المشاريع التنموية. في السياق ذاته، كشفت تقارير سوداء لمجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية المتعلقة بتسيير البلديات، الولايات وكذا مختلف المؤسسات المحلية، رفعت نهاية السنة الماضية إلى مصالح نور الدين بدوي، حينما كان وزيرا للداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، تسيب ولاة، ولاة منتدبين، رؤساء دوائر، وكذا رؤساء بلديات، في أداء مهامهم، وإساءة تسييرهم للملك العام، الأخيرين أبرقتهم الداخلية في ال 14 أكتوبر المنصرم، بتعليمة تحمل عنوان “تقارير مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية المتعلقة بتسيير البلديات، الولايات والمؤسسات العمومية”، إطلعت عليها “السلام” عبرت لهم من خلالها عن عدم رضاها عن طرق التسيير المحلي، وكشفت فيها أيضا عن مخالفات والعديد من الإختلالات المتعلقة بتسيير الأملاك المحلية، على غرار عدم معرفة جرد الأملاك وإستغلالها، غياب مسك دفاتر المحاسبة الإدارية، عدم إحترام إجراءات الصفقات العمومية لا سيما التوجه شبه الدائم نحو إعادة تقييم المشاريع، وعدم إستكمال الدراسات، واللجوء غالبا إلى القيام بصفقات وفق إجراءات المناقصة المحدودة، وعليه قررت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، وفي إطار سعيها لتسوية إختلالات تسيير الملك العام السالفة الذكر المسجلة على مستوى الولايات، الدوائر، وكذا البلديات، تبني جملة من الإجراءات أهمها تعيين إطار على مستوى ديوان الوالي، يتولى ضمان متابعة التوصيات التّي تطرقت إليها تقارير مؤسستي الرقابة (مجلس المحاسبة والمفتشية العامة للمالية)، والسهر على إحترام الآجال والإجابة على المعاينات والملاحظات الموجودة في تقارير التفتيش.