بحلول عيد الفطر، زاد عدد طاولات الشواء المنتشرة في مختلف أحياء وشوارع العاصمة، حيث سادت تلك الرائحة التي ملأت الجو، ودغدغت أنوف المارين وجلبتهم لتناولها، لتكون نهاية تلك اللذة في قسم الاستعجالات. لا زال الشواء أكثر الوجبات التي يفضّل الكثيرون تناولها بمناسبة عيد الفطر، ما جعل أغلب الشباب ينصبون طاولات هنا وهناك لتوفير الطلبات التي تبقى ضرورة تفرضها شهوة البطن بالنسبة للمستهلكين وتجارة مربحة بالنسبة للباعة. ”السلام” خرجت في جولة إلى بعض طاولات بيع الشواء بعين النعجة، والتي شكّلت ديكورا مميزا في عدّة أماكن، فمن الباعة من احتّل أماكن بطريقة غير شرعية وهو ما رصدناه بالقرب من أحد المتاجر الواقعة تحت السوق المغطّى، أين قام بعض الشباب بنصب الطاولة أمام المتاجر وهو ما لم يرق لأصحابها، حيث عبّر أحد التجار عن ذلك واصفا حال المكان منذ سنوات ليؤكد على عدم تدخّل السلطات، وعلى حدّ تعبيره فإنه ورغم دوريات الشرطة التي تمّر من المكان إلا أن لا أحد يسألهم حول نشاطهم. وقال تاجر آخر أن نشاط هؤلاء لا يزعجهم ماداموا غير متواجدين بالقرب من محلّه، إلا في الفترة الليلية أين يكون المحلّ مغلوقا. هذا وأكّد بعض سكان المنطقة أن الظاهرة كانت محدودة ولكن سرعان ما انتشرت وأضفت أجواء خاصة أين انتشر الدخان الذي يمزج بين رائحة مختلف أنواع الشواء من لحم أحمر، سكالوب، كبدة ومرقاز، ما جعل الطوابير تصطّف أمام الطاولة من الراجلين وحتى من أصحاب السيارات المارة من المكان، والأمر لم يقتصر في بعض الأماكن على أيام العيد بل حتى خلال سهرات رمضان فطاولات الشواء كانت وجهة الكثيرين بعد الإنتهاء من التروايح، ومن العائلات من كانت تقبل على سهرات شواء ما جعلهم مهددين بتسممات جماعية. ”السلام” استطلعت آراء بعض الزبائن فيما يخص استهلاك الشواء الذي قد يشكل خطرا حقيقيا على صحتهم فهناك من اعتبر الأمر مجرّد دعايات وأنهم تعوّدوا على الشراء من أصحاب تلك الطاولات دون أن تؤثر على صحتهم، فيما أكّد البعض أنهم يدركون تماما حجم الخطر الذي يتربّص بصحتهم نتيجة استهلاكهم لذلك الشواء، ولكن لا حيلة لهم أمام شهوة بطونهم التي تجعلهم يقبلون عليه دون أن يشعروا واعتبر البعض طاولات الشواء مكانا “للزوالي” من أجل التمتّع بهذه الأكلة فالأسعار في متناول الجميع ورغم المخاطر إلا أن بعض أعواد الشواء في مطعم ستكلف الكثيرين، كما تبقى المطاعم غير مضمونة وشأنها شأن تلك الطاولات الفوضوية على حّد قول البعض من قدموا عدّة تبريرات. لكن ورغم ذلك لاقت تلك التجارة انتقادات كبيرة فيما يتعلّق بشروط النظافة، فاللحم يبقى مجهول المصدر والنوعية وحتى ما تعلق بطريقة الحفظ والطهو، إضافة إلى أن أغلب قطع اللحم النيّة تبقى مركبة في الأعواد لساعات وهي معرضة للهواء الطلق فتكون ملجأ لتراكم البكتيريا. وفي هذا السياق أكد البعض استحالة تناولهم للشواء من تلك الطاولات ولكنهم لا يضمنون الأمر بالنسبة لأبنائهم خاصة أنّ أغلب الزبائن هم من الأطفال الذين وما إن يجمعوا بعض المال حتى يقصدوا طاولات بيع الشواء للظفر ب«سندويش” منه الشواء، وفي السياق تقول سهام: “إنّ نوعية اللحم المستعمل في تحضير الشواء غير جيّدة، فأغلبها قطع شحمية لا أستطيع حتى أن أشم رائحتها”. هذا ويلاحظ أن إقبالا كبيرا خاصة من فئة الشباب وهذا ما جعلنا نشك في وعيهم الصحي، اقتربنا منهم فأكدوا أنهم يدركون حجم الخطر ماجعلنا نستغرب كثيرا ونتساءل هل وصل طيش الشباب ومغامراتهم لحدّ المخاطرة بالصحة وبالحياة مقابل بعض قطع اللحم؟. أغلب بائعي الشواء يمارسون هذه التجارة بصورة ظرفية تقتصر على أيام عيد الفطر، وهم يرونها فرصة لتحقيق بعض الأرباح خاصة أن “سندوتشات” الشواء مطلوبة كثيرا، فالأمر لا يقتصر على عدد زبائن المتواجدين بالمكان ولكن الطلبيات كثيرة وأحيانا لا يمكن تلبيتها كلها لتكون نهاية البعض مأساوية، فقد سمعنا عن بعض المواطنين ممن تمزقت بطونهم ألما ليجدوا أنفسهم في المستشفى أين يتم حقنهم بمادة تمنع التسمم الغذائي، ليتبعه وصف مجموعة أدوية بمبلغ مكلّف، كان من الممكن أن يستغله الفرد في أكلة شواء مميّزة وفي ظروف أكثر نظافة. المواطنون ألقوا باللوم على الجهة المخولة بمراقبة الأنشطة التجارية، بل ولازالوا يطالبون برقابة أكثر صرامة خاصة أن بعض النشاطات التجارية صارت فعلا تهدد حياة المستهلك، ولكن البعض يرى أنها مسؤولية المواطن الذي يلقي بنفسه للتهلكة، ولولا أن تجار الشواء لم يجدوا من يستهلكه لما نصبوا تلك الطاولات فتجاوز الأمر مرتبط بدرجة الوعي.