قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال (إيمان بالله ورسوله). قيل ثم ماذا؟ قال (جهاد في سبيل الله). قيل ثم ماذا؟ قال (حج مبرور). وقال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ «حَجٌّ مَبْرُورٌ». وَفِى رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ». وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان حدثني سُمَي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة، والعمرتان أو العمرة إلى العمرة يكفر ما بينهما “ صححه العلامة الألباني وغيره، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري”. قَالَ اِبْن خَالَوَيْهِ: الْمَبْرُور الْمَقْبُول، وَقَالَ غَيْره: الَّذِي لَا يُخَالِطهُ شَيْء مِنْ الْإِثْم، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْأَقْوَال الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَفْسِيره مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى، وَهِيَ أَنَّهُ الْحَجّ الَّذِي وُفِّيَتْ أَحْكَامه وَوَقَعَ مَوْقِعًا لِمَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّف عَلَى الْوَجْه الْأَكْمَل وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ أَقْوَال أُخَر مَعَ مَبَاحِث الْحَدِيث الْأَوَّل فِي “بَاب مَنْ قَالَ إِنَّ الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل” مِنْ كِتَاب الْإِيمَان، مِنْهَا أَنَّهُ يَظْهَر بِآخِرِهِ فَإِنْ رَجَعَ خَيْرًا مِمَّا كَانَ عُرِفَ أَنَّهُ مَبْرُور. وَلِأَحْمَد وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث جَابِر “قَالُوا يَا رَسُول اللَّه مَا بِرُّ الْحَجّ؟ قَالَ إِطْعَام الطَّعَام وَإِفْشَاء السَّلَام “ وَفِي إِسْنَاده ضَعْف، فَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ هُوَ الْمُتَعَيَّن دُون غَيْره. ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، متفق عليه، فالحج وغيره من صالح الأعمال من أسباب تكفير السيئات، إذا أداها العبد على وجهها الشرعي، لكن الكبائر لا بد لها من توبة، لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»، وذهب الإمام ابن المنذر رحمه الله وجماعة من أهل العلم إلى أن الحج المبرور يكفر جميع الذنوب؛ لظاهر الحديثين المذكورين. وعلامات الحج المقبول كثيرة منها: أن يكون نفقة الحج من كسب حلال، لأن النفقة عليها مدار عظيم في حياة المسلم، ولا سيما في الحج، بل ورد أن الإنسان إذا حج من مال طيب أنه ينادي مناد: (زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور) وعلى من كان حج من مال خبيث فإنه ينادى: (لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور)، أو ما هذا معناه. فمن علامات الحج المبرور أن يكون من نفقة طيبة وكسب حلال. ومن علامات الحج المبرور أن يوفق الإنسان فيه لأداء مناسكه على الوجه المشروع وعلى المطلوب من غير تقصير فيها. وأن يتجنب ما نهاه الله عنه في أعمال الحج، ومن علامات الحج المبرور أن يرجع صاحبه أحسن حالاً في دينه مما كان قبل ذلك، بأن يرجع تائبًا إلى الله سبحانه وتعالى، مستقيمًا على طاعته، ويستمر على هذه الحالة، فيكون الحج منطلقًا له إلى الخير منبهًا له إلى تصحيح مساره في حياته.