القطع بدخول الجنة لا يستطيع أن يجزم به مسلم؛ لأن أمر الجنة موكول إلى علم الله وحُكمه جلَّ جلاله، وقد وَرَدَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: “لا يُدْخِل أحدَكم عملُه الجنة. قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته”. ومع هذا نفهم من الإسلام، ومن سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، فلو أدَّى المسلم هذا الحج المبرور، ولم يُذنب بعده، ومضى إلى الله على استقامة وصراط دخل الجنة بفضل الله وكرمه، وقد يؤيد هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه”. فهو إذًا يعود من الحج نقيًّا طاهرًا مغفور الذنوب مُسَلَّمًا من العيوب. وقد وردت في السنة آثار تدل على أن الحج المبرور هو أفضل الأعمال، والحج المبرور هو الحج الذي لا يُخالطه إثم. وقال الحسن: هو أن يرجع زاهدًا الدنيا راغِبًا في الآخرة. ورُوي أنه إطعام الطعام، ولين الكلام. وعن عمرو بن العاص قال: لمَّا جَعَلَ الله الإسلام في قلبي، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت، ابسط يدك فلأبايعك، قال، فبسط، فقبضت يدي. فقال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أشترط، قال: تشترط ماذا ؟ قلت: أن يغفر الله لي، قال: أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله؟” وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنب كما ينفي الكير خبث (وسخ) الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة”. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.