لقد نهى الإسلام الحكيم عن الغش في جميع صوره ومظاهره، بل وتوعد الإسلام أهله بالويل والخسران، قال تعالى: {ويل للمطففي، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} المطففين، وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش وتوعّد فاعله، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على صُبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا، فقال “ما هذا يا صاحب الطعام؟” قال: أصابته السماء يا رسول الله. قال: “أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟، “من غش فليس مني”، وفي رواية “من غشنا فليس منا” رواه مسلم، والغش الذي حرمه الإسلام هو الذي عرفه ابن حجر الهيثمي فقال: “الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشتر فيها شيئا لو اطلع عليه مريد أخذها ما أخذ بذلك المقابل”، وللغش مظاهر كثيرة منها الغش في البيع والشراء والميزان والامتحانات والزواج وغيرها، والغش طريق موصل إلى النار وهو دليل على دناءة النفس وخبثها، كما أنه طريق لحرمان إجابة الدعاء والبركة في المال والعمر، وهو أيضا دليل على نقص الإيمان. والغش والخديعة خلقان محرمان مذمومان لا يتصف بهما المؤمن الذي يخاف ربه ولا ينبغي له أن يزاولهما أصلا، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار”، وهذا يعم كل غش وكل خديعة وكل مكر في أي مجال كان وفي حق أي شخص كما يتبين من ألفاظ الحديث، ومما يزيد هذه الأخلاق قبحا أنها من صفات المنافقين المميزة لهم، وبهذا تعلم أن الغش في الامتحانات خلق ذميم ومحرم سواء كانت المادة التي يختبر فيها دينية أو دنيوية لعموم الأحاديث المتقدمة ثم إن الطالب الذي يجتاز الامتحان يحصل على شهادة، وبموجب هذه الشهادة يتولى مسؤولية، إما في التعليم أو الطب أو غيرهما، ويصبح مؤتمنا على ما تولى، وكيف يصح له أن يتولى عملا ويأخذ في مقابله مالا وهو إنما حصل عليه بالغش والحيلة؟ هذا ظلم لنفسه وظلم وخيانة لعموم الأمة، فالغش في الامتحانات أعظم من الغش في كثير من المعاملات والكل محرم. فلا يحل للطالب أن يغش في أثناء الامتحانات، لأن الغش من كبائر الذنوب، ولأنه يترتب على غشه أن ينجح أو أن يعطى ورقة النجاح وهو غير جدير بذلك، ثم يتولى مناصب فيspan style