عجز أعيان مختلف القصور بولاية غرداية عن احتواء الفوضى والمواجهات الدامية القائمة منذ أكثر من 7 أشهر، فترة سيطرت فيها عصابات شباب ثائر على عشرات الأحياء في المدينة وفرضوا منطقهم للتكسر سلطتهم القائمة على مبدأ القوة والعنف والتخريب هيبة أعيان المنطقة الذين طالما كانوا أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة في كل القضايا الخاصة بالمجتمع الغرداوي، حتى حكومة سلال وقفت مكتوفة الأيدي بعد عجزها عن تشخيص العلة والأسباب الحقيقة وراء انفجار الأوضاع في المنطقة، ما جعلها تفشل في وأد الفتنة واسترجاع الأمن طيلة 7 أشهر كاملة. هوية ومعاقل أفواج الشباب الحريصين كل مرة على إعادة بعث الفوضى أو "العصابات" كما أجمع أعيان المنطقة من المذهبين الإباضي والمالكي على تسميتها معروفة لكن السيطرة عليها باتت تتجاوز قدرة الأعيان الذين كسر هؤلاء الشباب عصى طاعتهم وباتوا يشكلون خطرا كبيرا على أهالي أحياء المدينة، ما جعل الكل ينتظر الحل من الحكومة دون أحد سواها، حيث تصاعدت الأصوات المنادية بضرورة السيطرة على هؤلاء الشباب الذين عثوا في غرداية فسادا وإتجه الأعيان والمواطنون العاديون إلى المطالبة بضرورة الوصول إلى من يقف وراء هذه العصابات التي قال أعيان من بني يزغن وقصر مليكة وكذا أعيان غرداية، والعطف ونشطاء المجتمع المدني من كلا المذهبين الإباضي والمالكي تحدثوا إلى "السلام"، "هذه العصابات ممنهجة ومنظمة تسير وفق خطة تحركها أطراف عجزنا نحن على تحديدها، وعليه بات على الدولة بحكم ما تملكه من إمكانات أن تكبح تحركات الرؤوس التي تسير عصابات الشباب وتمويلهم بمختلف أدوات التخريب"، وقال تونسي محمد أحد أعيان قصر مليكة "بارونات بالمدينة أججوا الوضع لخدمة مصالحهم الشخصية الخبيثة، على غرار رفع وتيرة نشاطهم في المخدرات ورفع نسبة الإجرام في المدينة من خلال عصاباتهم الإجرامية، وذلك بالتنسيق مع عناصر منحرفة في جهاز الأمن والشرطة"، من جانبه شدد بليدي صالح أحد أعيان بني يزغن على ضرورة التدخل العاجل والفعال للحكومة من خلال تبني خطة أمنية كفيلة بتفكيك البئر التي تحرك الفوضى في غرداية، وقال "أن تدوم حالة الفوضى هذه لأكثر من 7 أشهر دون السيطرة عليها وضع لا يبشر بالخير، نحن جد متخوفين من تدهور الأوضاع لأكثر مما هي عليه الأن وإتجاهنا إلى ما لا يحمد عقباه". 7 أشهر من المواجهات شلت الولاية وشوهت سمعتها السياحية تضاربت تشخصيات أعيان غرداية ومواطنوها حول الأسباب الحقيقة للأزمة التي تعيشها مدينتهم تارة واتفقوا على طرح موحد تارة أخرى، حيث قال صالح بليدي أحد أعيان بني يزغن في حديث ل "السلام" "تحدث خلافات حتى بين إخوة من أم واحدة، وهو ما يحدث في غرداية وحدث عديد المرات، لكن ما حصل منذ ديسمبر 2013 واستمر إلى الآن دليل على وجود حقد يغذى بطريقة مدروسة لضرب استقرار المجتمع الغرداوي، هذا من جهة ومن جهة أخرى يعتبر غياب الثقة بيننا نحن الأعيان أحد أهم الأسباب لاستمرار الفوضى طول هذه المدة، وجعلنا عاجزين على احتوائها"، من جانبه تحدث يحيى بن يحيى عميد جامعة غرداية وأحد أعيان بني يزغن عن صراع حضاري ثقافي في غرداية، أثارته أيادي خارجية لعبت على وتر الإباضي والمالكي لضرب استقرار المنطقة، هذا بعدما نفى أن يكون سب الأزمة صراع عرقي أو ديني، وقال "المشاكل والمناوشات تحدث في غرداية منذ الأزل لكن لم تتطور لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، ما يعكس وجود جهات حريصة على تغذية الفتنة وإستمرار الوضع على ما هو عليه"، وذهب ياسين فخار أحد أعيان قصر مليكة إلى الحديث عن إتساع خطير للقضية الغرداوية وقال " هناك من يلعب على الوتر المذهبي إباضي ومالكي لتوسيع هوة الصراع عبر كل أقطار البلاد كون الغرداوين بمختلف إنتماءاتهم منتشرين عبر مختلف ربوع الوطن، وهناك فتنة أخرى تحبك من منطلق مزابي وعربي وهذه توظف داخل غرداية لتأجيج الفتنة وضمان إستمرار تكهرب الأجواء بين أهالي المنطقة". أعيان وأهالي غرداية يتهمون الأمن بالتراخي في أداء مهامه أجمع أعيان وسكان غرداية بمختلف انتماءاتهم من مزابيين وعرب و إباضيين ومالكين على عدم قيام الأمن بدوره في احتواء المواجهات على أكمل وجه وقال تونسي محمد أحد أعيان قصر مليكة في لقاء مع "السلام" "قوات الأمن إلتزمت عديد المرات بدور المتفرج في خضم المواجهات، تحت ذريعة أن صلاحيات الفرق موزعة كل في منطقة معينّة، ما أدى إلى وقوع ضحايا وعمليات تخريب كان من الممكن تفاديها بتدخل الأمن"، وهو ما ذهب إليه زميله ياسين فخار الذي إنتقد تعامل وحدات الأمن مع الوضع في غرداية وندد بحملة الاعتقالات التي طالت الأبرياء "فيما يصول ويجول المجرمون الحقيقيون بكل حرية رغم أن هويتهم معروفة". بدورهم طالب عشرات السكان ممن التقت بهم "السلام" في كل من حي الحاج مسعود أكثر الأحياء احتضانا للمواجهات، وحي بوهراوة وكذا حيي دادا علي وبومرافق وحدات الأمن بصرامة أكثر في تعاملهم مع مثيري أعمال الشغب، منتقدين تعرض منازل بعضهم للحرق والتخريب في خضم المواجهات بعد عجز الأمن على فض الاشتباكات وتفريق المتواجهين رغم العتاد والإمكانات المتوفرة. التجارة مشلولة كليا الزائر لغرداية خلال الأشهر الأخيرة يلاحظ ومنذ دخوله حدود الولاية أثار ومخلفات حرق المحلات التجارية بمختلف نشاطاتها، وهو ما التمسته "السلام" في جولتها الاستطلاعية في مختلف أرجاء المدينة، حيث يصعب حتى شراء قارورة ماء، وضع اضطر عديد المواطنين إلى التوجه خارج أسوار المدينة للذهاب إلى الولايات المجاورة قصد التزود واقتناء ما يسد حاجتهم لأسابيع تفاديا لعناء الذهاب والتبضّع يوميا، فبإستثناء محلات تعد على أصابع اليد لا تتجاوز ال 5 محلات تنشط في بيع المواد الغذائية العامة تفتح وتغلق في فترات متقطعة التجارة في غرداية جامدة وعاجزة تماما، بعدما كانت نقطة عبور وتبضع تجار جل الولايات الجنوبية المجاورة لها، ولدى توقفنا في مدخل المدينة أمام دكان للمواد الغذائية للحديث مع صاحبه المدعو عمي الجيلالي قال لنا الأخير"لا تجارة في غرداية ولا هم يحزنون كل شيء مشلول بسبب تأخر تعويض التجار المتضررين من جهة، وتخوفهم من تجدد المواجهات في أي لحظة كما حدث عديد المرات"، وأضاف"محلي شبه فارغ كما ترون باشرت نشاطي لتفادي الملل لا أقل ولا أكثر". والحال نفسه في مختلف أحياء المدينة على غرار حي قدوار، وحي الحاج مسعود، وحي زوزو، وكذا حي بوهراوة، محلات محروقة وأخرى مدمرة كليا، تحولت إلى مقرات لتمركز قوات مكافحة الشغب والدرك الوطني. ملف التعويضات يراوح مكانه كما أكد كل من مصطفى حمودة أحد أعيان قصر بني يزغن، وتونسي محمد أحد أعيان قصر مليكة أن ملف تعويض التجار المتضررة محلاتهم يراوح مكانه ولم يتلق أي من تجار المدينة لحد الساعة فلسا واحدا، "رغم التطمينات التي تلقوها منذ شهور على لسان ممثلي اللجان الموفدة لتقييم حجم الأضرار". إستنفار أمني حاد في مختلف أحياء غرداية تعيش غرداية حالة إستنفار أمني حاد في ظل تجدد المواجهات بين الفينة والأخرى، حيث وزعت وحدات مكافحة الشغب والدرك الوطني عبر كل مداخل المدينة وأحياءها، فالمتوافد إلى المدينة وللوهلة الأولى يظن أن المنطقة في حالة حرب، تجولت "السلام" في عدد من الأحياء مرفوقة بوحدة درك وطني تحسبا لأي اعتداء، حيث تم تخصيص وحدات إضافية يزيد تعدادها عن ال 50 رجل درك وشرطي في الأحياء العالية بالمدينة خاصة حي بومرافق الذي كان مركز المواجهات الثاني بعد حي الحاج مسعود بدليل إحتراق جل منازله، التي عبر أصحابها عن جهلهم التام لمن يقف وراء هذه الهجمات التي عادة ما تتم في الساعات المتأخرة من الليل والناس نيام، مناظر إحتراق المنازل وأثاثها تعم جل أحياء المدينة التي لا تزال رائحة الدخان تعم أزقتها. تساؤلات عن جدوى ونتائج زيارات المسؤولين إلى المدينة أجمع أعيان في غرداية ممن إلتقتهم "السلام" على عقم الزيارات التي قام بها مسؤولون في الدولة يتقدمهم الوزير الأول عبد المالك سلال والطيب بلعيز وزير الداخلية، وكذا اللواء عبد الغاني هامل المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، وتساءلوا عن الجديد الذي قدمته هذه الزيارات في إحلال الأمن في غرداية، حيث قال يعقوب الحاج عمر أحد أعيان قصر بني يزغن وناشط جمعوي في غرداية "ما الجديد حاليا في قضية غرداية بعد زيارة المسؤولين"، وأضاف "لا جديد يذكر الفوضى مستمرة والخراب عم المدينة، وعود أطلقها سلال وبلعيز لم نر منها شيء لحد الساعة"، وأردف بالقول" نددنا وإشتكينا دون أي ردة فعل جدية و ميدانية"، من جانبه قال زميله مصطفى حمّودة من مجلس الأعيان ذاته "عجز حكومة بأكملها عن حل أزمة في ولاية واحدة أمر غريب يثير الريبة ويطرح عديد التساؤلات، خاصة في ظل دخول الأزمة شهرها ال 8 والأوضاع لا تزال على حالها بل وتتجه نحو الأسوء يوما بعد يوم، وضع يدفعنا للتساؤل ماذا قدمت حكومتنا لقضية غرداية إلى اليوم؟". قطاع التربية نقطة سوداء ... ومستقبل آلاف التلاميذ على المحك إستنكر أعيان المدينة الأوضاع التي آل إليها واقع التربية في غرداية، جل المدارس مشلولة، تلاميذ متوقفون عن الدراسة قرابة ال 7 أشهر، ومستقبل تلاميذ الأقسام النهائية على المحك خاصة المقبلين منهم على إمتحانات شهادة الباكالوريا، قال بن يحيى يحيى أحد أعيان قصر بني يزغن "على الوزيرة الجديدة المبادرة بإيجاد حل سريع لأبنائنا، من خلال الفصل في قضية عتبة الدروس"، وهو ما ذهب ياسين فخار أحد أعيان قصر مليكة عندما قال"عام دراسي كامل لأكثر من 10 آلاف تلميذ ذهب سدى، وحتى وإن تم تخصيص برنامج إمتحانات لتلاميذنا، سيبقون هم الخاسرين بحكم عدم تلقيهم لكامل البرنامج الدراسي كغيرهم من نظرائهم في باقي الولايات، ما سيشكل شبه هوة وفارق في المستوى خاصة للمقبلين على الامتحانات النهائية".