يثير استمرار الحكومة في إلغاء صفقات شركات أجنبية عاملة في الجزائر في عدة قطاعات، أسئلة كثيرة حول التوجهات الجديدة للحكومة التي تعود تدريجيا إلى ما يشبه سياسة التأميم للتغطية على فشل برنامج خوصصة الشركات وخسائر جراء الصفقات مع الأجنب، مثلما يحدث مع كوجال اليابانية. منذ أسابيع أنهت وزارة المواد المائية عقد الشراكة أغبار الاسبانية بوهران والذي استمر خمس سنوات، وأسند التسيير للجزائرية للمياه، وتم تحويل العقد إلى مرافقة تقنية، وقبلها تم فسخ عقود مع المجمع الألماني جيلسانو وتر ومجمع مرسيليا بعد فشل سياسة التسيير، وهو نفس المصير الذي قد تلقاه الشركات الفرنسية الأخرى مثل "سويز" و"سيال" بالعاصمة التي سينتهي عقدها في 2016. وها هو وزير الأشغال العمومية ينهي صفقة المجمع الياباني كوجال، الذي كلف بإنجاز الجهة الشرقية للطريق السيار شرق غرب، وأسند انجاز 84 كلم المتبقية من المشروع إلى مقاولتين جزائريتين على الأرجح بأقل تكلفة حسب تصريح الوزير، ما يؤكد فشل تسيير المشاريع من طرف الشركات الأجنبية رغم كل الامتيازات التي تحصل عليها، وتدفع الحكومة في كل مرة إلى العودة لانتهاج سياسة "القطاع العام" أو الجزأرة في المشاريع ومع الشركات بعد أن اثبت برنامج خوصصة 470 شركة فشله مرارا في السابق باعتراف من رئيس الجمهورية سنة 2008. وقبل سنة وافقت الحكومة، من خلال مجلس مساهمات الدولة، على إعادة تأميم مصنع الحديد والصلب بالحجار بعد 12 سنة من تسييره عملاق الصلب العالمي أرسلور ميتال له، وفشل في تحقيق النتائج المسطرة، وتقرر بعد ذلك رفع حصة الحكومة في الشراكة إلى 51 بالمئة مقابل 49 بالمئة للطرف الأجنبي، وهي العملية الثالثة من نوعها في 2013، بعد قرار مشابه أصدرته وزارة الطاقة والقاضي بتأميم شركة استغلال مناجم الذهب بعد انسحاب "شركة مناجم الذهب الاسترالية" التي كانت تستغل مناجم الذهب بمنطقة تيراك وأمسماسة جنوب تمنراست، ثم إصدار الحكومة قرارا بخصوص شركة مناجم الزنك بوادي أميزور بولاية بجاية التي تعود ملكية 65 بالمئة من أسهمه لشركة "ترامين" الأسترالية المحدودة فيما تعود ملكية 35 بالمئة من الأسهم للحكومة الجزائرية التي استعادت جميع الأسهم. وفي سياق استعادتها لشركات خوصصتها سنوات 2001 و2002، قررت الحكومة الاعتراض على عمليات بيع شركات جزائرية مملوكة للقطاع الخاص الأجنبي، ومنها شركة جيزي وميشلان الفرنسية باستخدام حق الشفعة، وهو ما أدى إلى منع بيع ميشلان إلى مجمع سيفيتال، وشراء 51 بالمائة من صفقة جيزي من طرف الصندوق الوطني للاستثمار. ولتصحيح مواقف اقتصادية، انتهت وزارة التنمية الصناعية وترقية الاستثمار من إعداد قانون جديد للاستثمار سيعرض على مجلس الوزراء قريبا، ثم على البرلمان، ينتظر منه أن يضع حدا للتلاعب الأجنبي ويعيد صياغة سياسات تسيير الاقتصاد الوطني، حسب القطاعات.