لداعش منذ قيام الدولة هوس بالاستقرار بشمال مالي إذ أن بعض الفصائل سهلت لها الأمور وزينت لها المقام لا سيما وأن القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي رحبت بها في البداية. إلا أن الخلافات الشرعية والشخصية بين أيمن الظواهري وأبي بكر البغدادي جعلت من تقارب الجماعتين أمرا مستحيلا بل أدخلت التشكيلين في حرب معلنة لأن الظواهري يرى أن لا بيعة للمسلمين على البغدادي وأن هذا متسلط مجرم لا تحل له البيعة بالقهر والعسف كما يفعله. محاولة داعش التمدد في الساحل الإفريقي متواصلة بعد الهزائم في العراق وسوريا وليبيا. غير أن هذه المحاولات لا يظهر منها أنها تنجح لأن القاعدة تبقى اللاعب القوي في إفريقيا ولا سبيل لداعش التمدد بإفريقيا عموما والساحل الإفريقي على وجه الخصوص إلا بالمرور على تنظيم أبي الهمام. ولكن هل يرضى أبي بكر البغدادي الرضوخ لأيمن الظواهري بعد الملاسنة التي كانت بينهما وخاصة بعدما أعلن الظواهري أن البغدادي ليس له الحق في إجبار الناس على الاندماج إلى تنظيمه. صحيح أنه قبل سبعة عشر شهرا، أعلنت كتيبة "المرابطون" في شمال مالي عند الحدود مع الجزائر مبايعة أبي بكر البغدادي زعيم داعش. لكن التنظيم اختار هذا التوقيت بالذات لنشر فيديو يُظهر قائد المرابطين المدعو "ابو الوليد الصحراوي" معلنا البيعة والاحتفاء بالفرع الجديد بصفته أحد أعمدة دولة الخلافة في أربع دول هي: ليبيا، الجزائر، تونسومالي، بحسب ما نشر أنصار التنظيم على شبكات التواصل. غير أن سرعان ما رجع "المرابطون" إلى أحضان القاعدة بعد إعلان الاجتماع بين بلمختار وأبي الهمام. حاول داعش بعدها الاقتراب من تنظيمات في غرب إفريقيا وشمالها أحد أهم البقع الجغرافية التي تتناولها سيناريوهات مراكز الأبحاث العالمية كملاذ لداعش بعد انهيار عاصمتيه في الموصل والرقة، خاصة وأن التنظيم يضم في صفوفه آلاف المقاتلين من دول المغرب العربي، ما يضمن حرية حركة واسعة لهم عند حدود دول المنطقة كما عند الحدود الليبية التونسية على سبيل المثال؛ وهي حدود غير مقدور ضبطها نظرا لطول امتدادها. هنا أيضا المحاولات باءت بالفشل لا سيما في الجزائر حيث أن التنظيم دمر مرتين على يد الجيش المرة الأولى لما قتل الغوري والثانية بعدما قتلت مجموعة كبيرة أعلنت الولاء لداعش. فماتت داعش في بيضتها ولم يكتب لها التمدد.