رغم الوساطات والمفاوضات واتفاقات الجزائر والمغرب وتدخلات الاممالمتحدة لم يتم تقديم الأزمة الليبية في شيء ملموس، فالمشهد الليبي بيد الميليشيات المسلحة والجيش والميدان هو الحكم بين الفصائل بقوة الحديد والنار،على هذا فرض المشير خليفة حفتر رجلا لا غنى عنه في جميع الأحوال. خليفة حفتر كان يفتقد إلى الشرعية لذلك رفضت الجزائر أولا التعامل معه قبل أن تشترط عليه أمورا اندمج في سياقها، فزيارة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلى الجزائر مؤخرا عدت حدثا ذا شأن. وبعد الجولات الكثيرة التي قادته إلى القاهرة – السيسي هو أحد أبرز الداعمين له – وموسكو حيث تكررت زياراته وواشنطن حط حفتر رحاله في الجزائر وفي نفسه أن الطرح الجزائري هو الأمثل ولكنه "صعب المنال" في الوقت الراهن بعد تفشي اللاأمن في كامل ليبيا وانتشار الميليشيات في العاصمة طرابلس. وكان حفتر يرفض التعامل مع الإسلاميين بينما ترى الجزائر أن الحوار الليبي هو حوار "كلي" بلا إقصاء. وكان جاء المشير إلى الجزائر وفي نفسه شيء منها فالجزائر كانت أدارت ظهرها للمشير لأنه كان يعمل خارج الشرعية الوطنية في ليبيا وجعلت من العمل من الحكومات المنتخبة المتتالية أو المخولة من قبل الهيآت المنتخبة عقيدة لها في الشأن الليبي. غير أن اللواء فرض نفسه في الداخل الليبي رغم معارضة الإسلاميين له في بنغازي والشرق الليبي في ظل ضعف وهشاشة الحكومات المعترف بها وهذا ما أدى بالجزائر لأن تقترب من اللواء ولكن مع الالتزام بجدوى مشاركة الجميع في الحوار الوطني. تغير مؤشرات هو تغير جديد لقواعد المشهد في ليبيا اتفاق الصخيرات منتهي الصلاحية بمضي عام كامل منذ التوقيع عليه مؤشرات صنفت بال"إيجابية" تلك التي بعث بها مارتن كوبلر قبل تنحيته، خلال زياراته إلى مصر وتجديده الدعوة أمام مجلس الأمن بضرورة اتخاذ قرارات جديدة وإجراء تعديلات على اتفاق الصخيرات. سعي دؤوب من المبعوث الأممي إلى ليبيا لضخ دماء جديدة في الملف الليبي والخروج به من عنق الزجاجة، خاصة وأن اجتماعات القاهرة كانت قد حققت "تقاربا" بين الأطراف في لييبا، وذلك على خلفية لقاءات مهمة شهدتها العاصمة المصرية، حيث استقبلت عاصمة أرض الكنانة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وكذلك رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج والمشير خليفة حفتر والمبعوث الأممي كوبلر. وقد أجمع كل من حضر اللقاءات والجلسات على ضرورة التمسك باتفاق الصخيرات، باعتباره الورقة السياسية الوحيدة المدعومة من المجتمع الدولي لحل الأزمة السياسية في ليبيا، مؤكدين في الوقت نفسه على أهمية إدخال تعديلات جوهرية عليه بما تتطلبه المرحلة للتوصل إلى اتفاق شامل و"عادل" في هذا الشأن. جدير بالذكر أن الاتفاق السياسي الليبي، اتفاق الصخيرات، قد تم توقيعه في المغرب في 17 ديسمبر 2015، والذي تمخّض عنه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، ومجلس الدولة (غرفة نيابية استشارية)، بالإضافة إلى تمديد عهدة مجلس النواب في طبرق (شرق) باعتباره هيئة تشريعية. غير أنه وبعد مرور عام من التوقيع على الاتفاق دون اعتماد مجلس النواب لحكومة الوفاق، اعتبرت أطراف من شرق ليبيا أن اتفاق الصخيرات منتهي الصلاحية بمضي عام كامل منذ التوقيع عليه، لكن المبعوث الأممي السبق مارتن كوبلر، أكد استمراره، لأن العام يبدأ عندما يعتمد مجلس النواب حكومة الوفاق، وهو ما لم يتم حتى الآن. تونسوالجزائر ومصر تعمل على تقريب وجهات النظر بين فرقاء الساحة الليبية إخفاقات كلوبر عجلت برحيله هذا وجدد كوبلر قبل رحيله، في جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في ليبيا السعي الحثيث بهدف بحث إمكانية إدخال تعديلات على اتفاق "الصخيرات"، مؤكدا أن ليبيا بحاجة إلى قرارات وإجراءات جديدة، تستهدف انفراجة سياسية تضعها على مسار الاستقرار والازدهار والسلام. وشدد المبعوث الأممي على ضرورة إيجاد سبل لدعم المصالحة المجتمعية وخلق المزيد من قنوات الاتصال بين القادة الليبيين والشباب. كما وجه أصابع الاتهام إلى المؤسسات الليبية بتقصيرها في مسؤولياتها، حيث قال: "ينبغي على جميع المؤسسات الليبية الاضطلاع بمسؤولياتها وتنفيذ التزاماتها بشأن تطبيق بنود الاتفاق السياسي حتى تتمكن البلاد من تلبية جميع حاجات الشعب". ومن المتوقع أن تشمل التعديلات تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي الذي تعصف به خلافات في ظل عجزه عن فرض سلطته، وسط توترات أمنية تشهدها العاصمة طرابلس من حين إلى آخر، بالإضافة إلى استحداث منصب رئيس للدولة على أن يتم اختيار شخصية مستقلة لرئاسة البلاد تحظى بموافقة جميع الأطراف. كما يتوقع أن تشمل التعديلات تشكيل حكومة ائتلافية موحدة يكون فيها المشير الركن خليفة حفتر قائدا عاما للجيش الليبي. تجدر الإشارة إلى أن تونسوالجزائر ومصر تعمل على تقريب وجهات النظر بين فرقاء الساحة الليبية، بما يتيح تهيئة أرضية ملائمة للتوافق بين أطراف النزاع ويسمح بوجود سلطة مركزية قادرة على إدارة الشأن الليبي وبسط سيطرتها وتهيئة المناخ لإجراء انتخابات وتشكيل مؤسسات دائمة.