الفضة المعدن الذي طالما نافس الذهب في إكسسورات ومصوغات مشكلة تنال إقبالا كبيرا من طرف الرجال والنساء على حد سواء, إكسسوارات فضية تؤكد العديد من النسوة أنهن لا يستغنين عنها لإضفاء حلة تزيد اللباس التقليدي جمالا وبهاء غير أن الصعوبات التي باتت تواجه ممارسي هذه الحرفة تنبأ بتراجع هذه الصناعة. كانت ومازالت للمصوغات الفضية قيمة اجتماعية كبيرة فهي وسيلة الزينة رقم واحد التي تألقت بها المرأة على مر العصور فحازت جداتنا على مجموعة قطع فضية استعملتها لتزيد في جاذبية اللباس التقليدي القبائلي والشاوي وغيرهما, ولاتزال المجوهرات الفضية تثير إعجاب الجميع والكل يجمع على أنها أكثر ديناميكية وعملية, إذ يمكن ارتدائها في المناسبات الخاصة وحتى في الأيام العادية ما يفسر الإقبال الكبير عليها من طرف مختلف الشرائح رغم أن منهن من اشتكي أسعارها المرتفعة في حين يخاف آخرون أن لا تكون تلك المصوغات من معدن الفضة الأصلي. وللوقوف على التحديات التي باتت تواجه صناعة الفضة قصدنا الشيخ عبد القادر أحد حرفيي صناعة الحلي الفضية جعل من كشكه الصغير الواقع بالسوق الشعبي لعين النعجة فضاء لصنع الفضة, بإعادة تذويبها وتشكيلها من جديد أو حتى تلميع القطع التي فقدت رونقها مع مرور الزمن, وفي حديثنا معه, أكد لنا أن صناعة الحلي الفضية مهددة بالاندثار في ظل غياب اهتمام الشباب بها حتى في أكبر المدن التي اشتهرت بصناعة الفضة, مضيفا أن الظروف لم تعد تخدم ممارسي هذه الحرفة بالطريقة التي تمكنهم من نقلها لمن أراد تعلمها والأسباب عديدة ولعل أبرزها نقص المادة الأولية في هذه الصناعة وغلاء ثمنها ما يفسر غلاء المصوغات المصنوعة من الفضة الحرة على حد تعبيره «فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى سبعة ملايين سنتيم إضافة إلى غلاء ثمن البورق الذي تطلى به الفضة, كل هذا أدى ببعض حرفيي الفضة إلى مقاطعتها وعن النشاطات التي يمارسها عبد القادر, أكد أن هناك من يقصد كشكه بغرض شراء قطع فضية لتكون هدية في حين يقصده البعض, حاملين مجوهرات فضية ورثوها عن أمهاتهم أو جداتهم طالبين تذويبها وإعادة صنع قطع أخرى منها, في حين يقبل البعض الآخر بغرض إعادة تلميع بعض القطع, فالإكسسوارت الفضية عموما ونتيجة عوامل طبيعية تفقد بعضا من خصائصها ورونقها فيكون من مهمة الحرفي في مجال صناعة الفضة إعادة تلميع المصوغات باستعمال غسول خاص وقطعة قماش في حين يمكن القيام بذلك عن طريق بكربونات الصودا لإعادة بريق الفضة من جديد. هذا ويقول صاحب الكشك أن العديد من الشباب يقبلون على اقتناء المجوهرات الفضية كبديل عن الذهب, خاصة أمام الغلاء الفاحش لأسعاره, وتعتبر الفضة الأقل لمعانا ودكانة من حيث اللون هي الأكثر انتشارا لديهم كونهم يرونها أكثر رونقا وتميز فئة الشباب عن غيرهم. هذا وأشار محدثنا إلى أن العديد من الناس يقعون ضحايا الغش لبعض تجار الفضة في السوق السوداء وعادة ما يلجأون بعد شرائها للتأكد من كونها فضة أصلية ليفاجأوا أنها ممزوجة بنترات الفضة فقط, ويبقى «الطابع» الذي تضمه القطعة هو ما يجب اتخاذه كمعيار في شراء القطعة المنتقاة. عبد القادر يستعمل أدوات بسيطة وهو يحدثنا عن مراحل صناعة الفضة قائلا: نقوم بقص الورقة الفضية المسطحة فنتحصل على المساحة المراد صنعها ثم يتم إعداد الخيط الحلزوني لتزخرف به القطعة الفضية, يعلق الخيط الحلزوني في الوسط في مسمار ممسوك بملزمة مثبتة على طاولة ثم تحلزن النهايتان الطليقتان في الخيط بحركة دورانية بين الكفين. يوضع الخيط الحلزوني في إحدى الفراغات الموجود في القالب على شكل مجوفات مزخرفة وبعد طرقه تظهر تلك الأشكال البارزة في المساحة التي احتلها الخيط المطبوع,تجمع كلها في ستة خيوط, اثنان متحدان واثنان حلزونيان واثنان مطبوعان وتثبت على الصفحة الفضية وتربط بخيط حديدي ويتم دهنها بالبورق وهو مسحوق ذو لون أبيض بلوري.