عمد القائمون على عملاق الطاقة الفرنسي "توتال" وبإيعاز من سلطات بلادهم خلال جلسات حوار جمعتهم طيلة السنوات الماضية مع المسؤولين على مجمع "سوناطراك" وممثلين عن وزارة الطاقة في بلادنا لتقييم الشراكة تارة وبحث مستقبلها تارة أخرى، إلى المناورة، وأحيانا تبني الضغط أو الإبتزاز "الضمني" قصد تعديل عقود نشاطها في مشاريع الطاقة ببلادنا التي حصرها القانون القديم 86-14 المتعلق بأعمال التنقيب والبحث عن المحروقات وإستغلالها ونقلها بالأنابيب في الهيدروكربونات (البترول والغاز) فقط، بشكل يجعلها تحظى بخصائص القانون 01-13 المعدل والمتمم للقانون رقم 05/07، المتعلق بالمحروقات، والذي يفتح مجال البحث والإستغلال ليمس ثروات باطنية أخرى على غرار الغاز الصخري، الذي أسال لعاب الشركة الفرنسية، خاصة وأن هذه الطاقة الهامة تعتبر بلادنا واحدة من أكبر خزاناتها عبر العالم. من بين عديد مشاريع الطاقة التي تربطها بالشراكة مع "سوناطراك" ينصب إهتمام وتركيز "توتال" على مشروع غازي عملاق بمنطقة تيميمون، ينشطه شريك ثالث هو الشركة الإسبانية "سيبسا"، في إطار قاعدة 51/49 بالمائة،51 بالمائة "سوناطراك"، 37.75 بالمائة ل "توتال"، و"سيبسا" 11.25 بالمائة، وقع في جويلية من سنة 2002 في إطار القانون القديم 86-14 السالف الذكر، طوره الشركاء الثلاثة وإستفادوا كلهم من عائدات النشاط في إطار بنود الشراكة المتفق عليها في العقد الذي طرأت عليه عدة تعديلات، سنوات بعد ذلك وتحديدا في عام 2010 وعند عودة يوسف يوسفي، على رأس وزارة الطاقة، وتعهده حينها بإحداث ثورة في القطاع من خلال جلب مستثمرين جدد إلى بلادنا مقابل منحهم إمتيازات جديدة، فتم الإفراج عن القانون 01-13 المعدل والمتمم للقانون رقم 05/07، المتعلق بالمحروقات، والذي يفتح مجال البحث والإستغلال ليمس ثروات باطنية أخرى على غرار الغاز الصخري، بدأت "توتال" و"سيبسا" بدرجة أقل تطالبان بتعديل عقد الشراكة في مشروع تيميمون ومنحه صبغة ما سمي حينها "قانون يسوفي 01-13" والإستفادة من مزاياها التي تتيح البحث والإستغلال دون قيود ما يمكن الشركة الفرنسية من وضع يدها على الغاز الصخري في بلادنا، وتعفي الشركاء الأجانب من نسبة لا بأس بها من الضرائب، وعليه شرعت "توتال" وبدعم من السلطات الفرنسية في ممارسة ضغط رهيب على "سوناطراك" ووزارة الطاقة حينها لتعديل العقود، بل لجأت وفقا لما أورده موقع "إ- بورصة الجزائر"- " bourse-dz E-" الناطق بالفرنسية والمختص في الشأن الإقتصادي، حتى إلى المساومة والإبتزاز من خلال تهديدها بفسخ عقودها والتخلي عن مشاريعها في بلادنا، ولولا تدخل وكالة ضبط المحروقات "ألنافت" لتم تمكين "توتال" من مسعاها، خاصة وأن يوسفي وقتها –يضيف المصدر ذاته – رهن إستقرار قطاع الطاقة والسياسة النفطية في بلادنا بإستمرار وتطوير إستثمارات "توتال"، وهنا بادرت باقي الشركات الأجنبية الناشطة تحت كنف المشروع في مجالات غير مجال الطاقة على غرار "سامسونغ" التي تكفلت بالجانب الإلكتروني لبعض هياكل المشروع، بالمطالبة هي الأخرى بتعديل عقودها وبالشكل الذي تسعى"توتال" إلى أن ترسو عليه، لكن "ألنافت" وقفت حجر عثرة في وجه كل هذا علما منها أنّه سيؤدي إلى ضرب إستقرار "سوناطراك" من جهة وعائدات الجزائر من الغاز العادي والغاز الصخري من جهة أخرى إذا تقرر إستغلاله مستقبلا. وعلى ضوء ما سبق ذكره وبعدما إتضح إبتزاز "توتال"، رأت "سوناطراك" أنه لا مناص ولا ملجأ إلا للتحكيم الدولي من أجل وقف تهديدات الشركة الفرنسية، التي صممت على تعديل عقدها بدليل أنها أعدت مسودة عن العقد الجديد وأرسلته إلى "سوناطراك" ووزارة الطاقة حينها، وبين هذا وذاك يبقى الصراع مستمرا في هذا الصدد رغم أنه بات خفيا وتراجعت حدته بعد نقله إلى المحاكم المختصة في العالم، وعليه أسندت مهمة تسيير "سوناطراك" إلى عبد المومن ولد قدور، الرئيس المدير العام الحالي، وتم تنصيب مصطفى قيطوني، وزيرا للطاقة، لمحاولة حلحلة الملف، وهو ما من المفروض أنه تم خلال أشغال الطبعة ال 11 ل"الأيام العلمية والتقنية لسوناطراك" التي إحتضنتها بداية من يوم أول أمس ولاية وهران، أين حضر وبقوة القائمون على "توتال". في السياق ذاته تم السنة الماضية 2017، التوقيع على عقد إمتياز بين مجمع "سوناطراك"، والوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "ألنفط"، والمجمع الفرنسي "توتال"، وكذا الشركة الطاقوية الإسبانية "سيبسا"، حول المشروع الغازي بمنطقة تيميمون السالف الذكر بهدف تطوير المشروع، فضلا عن ذلك وقع الشركاء الأربعة في هذا المشروع على عقد لتسويق الغاز إنطلاقا من هذا الحقل. وينتظر أن يبلغ حجم الاستخراج في هذا الحقل الغازي الذي شرع في الإنتاج به شهر مارس الماضي حوالي 5 مليون م3 يوميا، علما أنه يجري الانتهاء من إنجاز مرافق الإنتاج لهذا المشروع علما بأن عقد الشراكة بين هؤلاء الشركاء الثلاثة وقع في عام 2002 ودخل حيز التنفيذ في عام 2003، وينص على إنشاء مرافق لمعالجة الغاز من النطاق التعاقدي، وحتى الآن تم حفر أكثر من 20 بئرا، على أن يتم الوصول إلى ما مجموعه 37 بئرا منتجة.