قصة أغرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة تخص سليمان المكفوف في العقد الرابع من العمر الذي يشغل منصب تقني سامي في إحدى المؤسسات الخاصة الذي بات يعيش بين المطرقة والسندان في السنوات الأخيرة، قصة بدأت في مطلع الألفية عندما قرر الإستقرار وبناء أسرة هروبا من الإهمال الذي كان يعيشه باعتبار أنه نشأ يتيما ليجد نفسه عالة على زوجة أبيه عندما أنهى تكوينه وتخرج بشهادة تقني سامي وحصل على منصب في إحدى المؤسسات الخاصة مدة ستة سنوات لينتقل إلى مؤسسة أخرى قبلت أن تشغله بموجب عقد متجدد مع وكالة التشغيل، كان يعيش رفقة زوجته و طفليه إلى أن انفجر مكيال المشاكل ببيت والده عندما قرر أخوه الأصغر الزواج رغم أنه كان يعيش في غرفة واحدة تستجيب لكل متطلباته بعد وفاة الوالد، لم يرحمه أخوه ولا زوجة الأب التي وقفت له بالمرصاد باعتبار أنها سئمت من تحمله رفقة زوجته التي كانت تقوم بكل أشغال البيت إلى جانب الإهتمام بزوجها لكنها تعبت من تصرفات زوجة الأب التي باتت تعاملها بعنجاهية لا لشيئ إلا لدفعها إلى مغادرة المنزل لتستقل به وحدها رفقة الإبن الثاني الذي قرر بناء عائلة. مشاكل متكررة و مناوشات يومية دفعت بالزوجة إلى مغادرة البيت دون إذن زوجها وعندما عاد إلى المنزل ولم يجدها طلب من شقيقه أن يرافقه إلى بيت أهل الزوجة وعند وصوله أطلق عليها يمين الطلاق باعتبار أنها خرجت دون إذنه دون أن يراعي معاناته والضغط الذي تحملته لعدة سنوات. وغادر بدوره بيت والده الذي ما لبث أن سمع أن شقيقه وزوجة أبيه رمت بأغراضه وأثاثه خارج المنزل، وفي هذه الأثناء تعرف على أرملة وأم لطفل التي تكبره سنا وقبلت الزواج به وأخذه للعيش معها في بيت عائلتها باعتبار أنه وحيدة أهلها وأنجب منها توأم ليجد نفسه في دوامة لا مخرج منها بعدما وجد نفسه مجبرا على إعالة عائلتين، ما جعله يتجرع مرارة تغطية تكاليف زوجته الثانية وأبنائه ومن جهة أخرى تسديد نفقات طليقته، ظروف دفعت به للعمل طول النهار والتسول على أبواب مساجد العاصمة بعد نهاية دوامه، و عندما سألته زوجته أخطرها أنه وجد عملا إضافيا يدعم به مدخوله حتى يتمكن من تغطية متطلبات العائلتين. وأمام هذا العجز ارتأت طليقته إلى رفع شكوى ضده ليتم إيداعه الحبس المؤقت ويوم المحاكمة أفرج عنه وتم إيفاده بعقوبة موقوفة النفاذ نظرا لوضعيته التي جعلت منه عالة على المشرفين على زنزانات السجن بعد أن تعهد بدفع ما عليه من نفقات متقادمة لطليقته. ويبقى "سليمان" مثال شاذ أمام الأصحاء الذين عدلوا عن فكرة الزواج في ظل غياب الإمكانيات التي دفعت بنسبة لا بأس بها من الشباب إلى التضحية بفكرة الإستقرار وبناء عائلة.