من الطبيعي أن يحلم الواحد منا أن يكلّم نجما يعشقه أو كاتبا يفضله أو حتى لاعب كرة قدم صنع أمجاد الجزائر، ولكن الأمر الغير العادي هو أن يجد المواطن البسيط نفسه يحوز على رقم هاتف كان في يوم ما ملكا لوزير في الحكومة وتخلى عنه بعد أن ملّ مئات المكالمات التي كانت تتهاطل عليه ،ليجد هذا المواطن الذي اشترى شريحة هاتف يلقّب بمعالي الوزير ويُنعت بأحسن الصفات ،ولكنه في النهاية مجرد "زاوالي" بسيط لايفقه في الاقتصاد ولا أمور "البوليتيك" ولكن جعلت منه الصدف السي عمار أو السي بلخادم ولكن .. في الهاتف فقط. صاحب الرقم القديم لغلام الله " راكم غالطين ..أنا ميكانيكي بسيط ولا علاقة لي بالوزير " موضوعنا هذا في حد ذاته كان صدفة وانطلق من مكالمة أجريناها مع شخص من المفروض أن يكون وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله فقد تحصلت " سطيف نت"على رقمه منذ أكثر من سنة وكان الوزير دائما متواصل مع الصحافة ولم يبخل يوما بأي تصريح حول شؤون قطاعه طبعا ، وكان هاتف الوزير دائما في الخدمة بشهادة الجميع ،ولكن بعد مرور بضعة أشهر اتصلت "سطيف نت" بالسيد الوزير إلا أن هاتفه كان دائما مغلقا وأصبح موقفا مؤقتا بعد أيام، حينها عرفنا أن الوزير غيّر رقمه نظرا للاتصالات التي كانت تتهاطل عليه سواء من المسؤولين او الأحباب او حتى مضايقات وهذا أمر عادي لانه وزير ومن الضروري أن يكون يحضى بهذه الشعبية . وبعد مرور وقت طويل عاودنا الاتصال بالسيد غلام الله قصد إفادتنا بالإجراءات التي اتخذتها الدولة لتنظيم موسم الحج رغم أن الموسم لم ينطلق بعد انذاك ، حينها اكتشفنا أن الرقم عاد للخدمة ولكن لا احد يجيب فأعدنا الاتصال به عشرات المرات ،إلى أن ردّ علينا شخص لا يحمل صوت السيد الوزير ، فقلنا بالحرف الواحد :"صباح الخير معالي الوزير كيف الحال ؟فقاطعنا "راكم غالطين الوزير بدّل الرقم "فقلنا له "ولكن من أنت ؟ أين هو الوزير ؟وفي ولاية نحن ؟حينها شعرنا أن هذا المواطن ارتبك قليلا وقال لنا "هذا عادي هذا الرقم اشترتيه واكتشفت بعدها مباشرة انه ملك للوزير مضيفا "لا علاقة لي بغلام الله لا من بعيد ولا من قريب ..الوزير اقدره واحترمه فهو دائما في خدمة قطاعه ولكن للأسف أنا لست غلام الله بل عامل بسط في شركة وطنية للميكانيك واعمل كمكانيكي "حينها شكرناه على تفهمه وتواصله معنا . وعقب هذه المكالمة التي أجريناها مع غلام الله "الميكانيكي" قرّرنا إجراء بحث في فائدة الأرقام القديمة التي كان يحوزها وزراء في الحكومة ، قصد معرفة من هم الأشخاص الذين تحصلوا على أرقام الوزراء وكيف يواجهون الكم الهائل من المكالمات وما هو شعورهم حين يكلمهم شخص وينعتهم بصفة معالي الوزير . صاحب الرقم القديم لعبد العزيز بلخادم "منذ أن اشتريت الشريحة تغيّرت حياتي ..وتمنيت أن أكون صح بلخادم " بلخادم "التّاجر" كان امرح شخصية تحدثنا إليها عبر الهاتف على الرغم من أننا كنا نعلم انه ليس السيد عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية والأمين العام لحزب جهة التحرير الوطني ،لأنه مضى أكثر من سنة على تغيير الوزير لرقمه واشتراه شخص من عاصمة الورود البليدة يعمل كبائع للعطور. اتصالنا ببائع العطور كان بهدف معرفة شعوره وهو يلقب بمعالي الوزير فأجابنا "يالخاوة انا مواطن بسيط واعمل كتاجر جملة في البليدة واملك محل لبيع العطور، ولكن لا أخفيكم فمنذ أن اشتريت هذا الرقم هادوا شهرين تقريبا "تبدلت حياتي..المكالمات تتهاطل عليا يوميا من الجزائر وحتى من الخارج ..واحد يقول واش راك يامعالي الوزير وواحد يقولي هذي غيبة لا سيما العائلة من فرنسا وبلجيكا وحتى مكالمات من صحفيين .حتى تخيلت نفسي وزير صح وتمنيت ان أكون بلخادم الحقيقي فانا جد محظوظ لاني جرّبت معنى ان تكون وزيرا للحظات ولكن من جهة أخرى ادركت حجم المعاناة التي يتلقاها الوزراء وأقول احيانا في نفسي ربي يكون في عون الوزير فكيف له أن يرد على الكم الهائل من المكالمات .. واصل التاجر الحديث وتبيّن من حديثه انه شخصية مرحة حيث كان يتكلم والضحكة لم تفا رقه ونحن أيضا لم نتمالك أنفسنا من الضحك من كثر حديثه المشوّق عن هذه المكالمات ، ولكن السيد التاجر لم يخفي إعجابه الشديد بشخصية السيد بلخادم إذ أكد انه من اشد المعجبين به ،خاصة في طريقه إلقائه الخطب وتحكمه في فنون الخطابة إلى جانب التحكم في اللغة وكذا الشخصية التي يتميز بها بلخادم وتمنى أن يكون يوما بلخادم فتحقق حلمه وأصبح السيد بلخادم ولكن هاتفيا فقط . صاحب الر قم القديم للوزير عمار غول "أنا طاكسيور ...شحال أنتيك تكون وزير" حاولنا الاتصال بوزير الأشغال العمومية عمار غول فردّ علينا شخص مازحا "اليوم روبو كيفاش تعيطولي " فتخيلنا للمرة الأولى انه الوزير عمار غول لان المواطن البسيط لا يتكلم بهذه الطريقة ، ولكنه بعد لحظات ضحك وقال لنا "ياليتني عمار غول فانا سائق أجرة بسيط في العاصمة وانا حاليا برفقة عائلتي .وأضاف المواطن قائلا "هبّلوني الناس كل يوم اتلقى أكثر من مئة مكالمة للوزير حتى قررت في احد الأيام أن أغير الرقم من كثرة المكالمات ولكن سرعان ما بدأت المكالمات تتناقص بعد أن اخبرت كل من يتصل بالوزير انه غيّر رقمه . وبعد أن انهي "الطاكسيور "حديثه عن مغامراته مع المتصلين ، لم يفوت الفرصة للحديث عن شخصية الوزير عمار غول حيث اخذ وقتا طويلا وهو يتحدث عن انجازاته خاصة مشروع القرن الذي قال انه من أهم المشاريع التي عرفتها الجزائربعدما عاشت طرقاتنا حالة يرثى لها من جراء ازدحام حركة المرور، مشيرا الى ان الوزير أراح المواطنين من هذا العبئ ، كما تحدث لنا ايضا عن شخصية غول حيث وصفه بالشخص البسيط الذي يشبه الى حد ما المواطن العادي وذلك من خلال مشاهدته له في الخرجات الميدانية التي يقوم بها . وختم "الطاكسيور "الذي ينحدر من ولا ية الجزائر حسبما أكده لنا أحب عمار غول وتمنيت أن أكون يوما وزيرا للاشغال العمومية ولكن أنا مجرد سائق أجرة بسيط ..بصح" شحال انتيك" تكون وزير.." مكالمة سائق الأجرة تركت فينا انطباعا حسنا ، حيث سمحت لنا باكتشاف مدى حب واحترام المواطن الجزائري البسيط لشخصية الوزير، وذلك عكس ما يروج له وهو ان الجزائري بعيد عن كل ما يحدث على المستوى السياسي او المشاريع الكبرى التي تعرفها الجزائر وان المواطن يجهل حتى أسماء الوزراء بحكم انشغاله بمشاكله اليومية ، ولكن هذا غير صحيح ، واحسن شهادة هي شهادة السائق الذي أبدى عشقه لشخصية الوزير والانجازات التي قام بها منذ استوزاره على قطاع الأشغال العمومية بالجزائر ، وهذا ما أثبته الواقع حيث ان مشروع الطريق السيار يعد أضخم مشروع انجزته الجزائر بفضل السياسة الرشيدة التي انتهجتها الحكومة والتسيير الجيد من قبل المسؤولين خاصة من ناحية احترام الآجال واتباع المقاييس العالمية في الانجاز وهو الأمر الذي حرص عليه الوزير عمار غول بشهادة الجميع . صاحب الرقم القديم للوزير عبد المالك سلال "سلال مثلي الأعلى ..ولكنني طبيب لا اعرف سوى قاعة العمليات " وزير الموارد المائية عبد المالك سلال غيّر رقمه هو أيضا ، ولكن هذه المرّة لم يشتري الشريحة سائق أجرة أو بائع عطور أو حتى ميكانيكي حيث كان سلال أكثر حضا من غول ، بلخادم وغلام الله فقد اشتراها طبيب من ولاية الشلف الذي أكد في اتصال مع "سطيف نت" انه لم يعرف في حياته سوى البيت وقاعة العمليات ، إلا أن صدف الحياة جعلت منه وزير للموارد المائية حيث ومثلما صرح لنا جميع الذين تحدثنا اليهم ،أكد الطبيب انه اصبح يتلقى مئات المكالمات خاصة في الآونة الأخيرة بعد أن أصيب الوزير سلال بوعكة صحية وذلك قصد الاطمئنان على صحته وكان يؤكد في كل مرة أن الوزير غيّر رقمه ولكنه للأسف يجهل رقمه الجديد لأنه هو الأخر يريد الاطمئنان على صحة الوزير . وتبين من خلال مكالمتنا مع سلال "الطبيب" انه يعرف يعرف جيدا المسار المهني للوزير ،حيث قال لنا انه من اشد المعجبين بالوزير منذ ان كان في الاتحاد الطلابي في سنوات الستينات ولما كان أيضا واليا عن ولاية سيدي بلعباس حيث اشاد بشخصيته البارزة وحسن تسييره للعديد من الملفات انذاك إلى جانب روح الدعابة التي يتمتع بها . وبدا لنا السيد الطبيب من خلال حديثه الهادئ انه معجب بشخصية الوزير حيث قال بالحرف الواحد "فرحت بزاف كي ينادوني بسلال ...هو وزير يعجبني بزاف كما انه مثلي الأعلى وأضاف قائلا "منذ آن علمت باني رقمي كان في احد الايام ملك للوزير سلال وأنا أتابع كل أخباره وخرجاته الميدانية وصرت أتابع نشرة الثامنة وافرح كثيرا لما أشاهده وهذا الحديث لا اقوله مجاملة ولكن هي ميزات سلال الحقيقية التي يعرفها الجميع وخاصة سكان شلف الذين يعشقون شخصية الوزير" . بن عيسى بن حمادي ولد عباس وبن بوزيد ..وزراء أوفياء لأرقام هواتفهم واصلنا رحلة بحثنا عن الأرقام القديمة للوزراء ولكن كانت معضمها خارج الخدمة حيث لم تعرض للبيع بعد بسبب أن الوزراء تخلو عنها مؤخرا فقط ولكن وجدنا ان بعض الوزراء لازالو يحتفضون بأرقامهم لفترة طويلة ومن بينهم وزير الفلاحة والتنمية رشيد بن عيسى الذي لازال يحتفظ برقم هاتفه حيث يعد من الوزراء الذين يتواصلون مع الجميع وخاصة مع الصحافة حيث كان يخص "الأجواء"بالعديد من التصريحات الخاصة بقطاعه اخرها كان أول أمس حيث اتصلنا للتأكد من أن رقمه لايزال في الخدمة فأكد لنا ذلك . وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال موسى بن حمادي من الوزراء الأوفياء لأرقام هواتفهم حيث لم يغيّر الوزير رقمه منذ أن كان مديرا عن مجمع اتصالات الجزائر، إذ ورغم حمله لحقيبة وزارية بحجم وزارة الاتصال إلا ان الغرور لم يمتلك الوزير وقرّر الاحتفاظ برقمه، إضافة انه لم يبخل يوما في الرد على مختلف المكالمات حيث سبق وان أدلى بالعديد من التصريحات الإعلامية ل"الاجواء" بل أن الموقع الر سمي لوزارته قرّر نشر الحوار الذي أجرته الجريدة معه عن طريق الهاتف . من جهته وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لايزال يحتفظ برقمه ولم يغيره منذ عدة أشهر ،حيث اتصلنا به وأكد لنا انه لم يبخل يوما بأية معلومة او خدمة في إطار الحدود المعقولة طبعا ، وان الهاتف لم يضايقه يوما بل ان الاتصال به شيئ يشرّفه وانه في خدمة الجميع متى طٌلب . ومن بين الوزراء الذين لم يتخلوا عن أرقامهم نجد وزير التربية ابو بكر بن بوزيد الذي يعتبر رقمه من أقدم الارقام على الإطلاق منذ عديد السنوات الى جانب وزير العمل والضمان الاجتماعي الطيب لوح ،وزير التضامن الوطني السعيد بركات ،وزير الداخلية والجماعات المحلية إلى جانب وزيرة الثقافة خليدة تومي . وزراء غادرو الحكومة ولم يغيّروا أرقامهم وخلال التحقيق الذي أجريناه ارتأينا الاتصال ببعض الشخصيات الوزارية السابقة ووجدنا بعضهم غير أرقامهم والبعض لا يزال يحتفظ بها كالوزير السابق عزالدبن ميهوبي الذي اتصلنا به وتأكدنا من احتفاظه برقمه إلا ان الاتصال لم يدم طويلا حيث انقطعت المكالمة ولم نتمكن من معاودة الاتصال . ونفس الأمر بالنسبة لرئيس حركة مجتمع السلم الذي لايزال محتفظا برقمه منذ أن كان وزيرا للدولة . وباستثناء عزالدين ميهوبي وأبو جرة سلطاني لم نتمكن من الاتصال بالوزراء السابقين كوزير التجارة الأسبق الهاشمي جعبوب الذي استدعي لمهام أخرى . " إعادة بيع الشريحة إجراء عادي ينتهجه أي متعامل بعد أن يعزلها لمدة سنة " كشفت مصادر من سلطة الظبط أن مسالة بيع شرائح هواتف التي تخلى عنها وزراء تعتبر مسالة تجارية محضة ، حيث أن المتعامل يتبع إجراءات استثنائية في عملية بيع الشريحة خاصة التي كانت ملكا لوزير أو شخصية بارزة حيث يتم عزل الشريحة لمدة تفوق سنة بعد أن تقل حدة المكالمات بحكم شخصية الوزير المطلوبة جدا ليتم بيعها كغيرها من الشرائح . وأضافت ذات المصادر أن من حق أي شخص أن يتقدم إلى مصالح أي متعامل بطلب تغيير رقم هاتفه وهو أمر عادي ، الا ان المتعامل أيضا من حقه إعادة بيع الشريحة بغض النظر عن الشخص الذي سيشتريها .