حلّ فصل الربيع وراحت العائلات تستقبله بالأطباق الحلوة والكيفيات المتنوعة وهي طقوس وعادات تتبعها العائلات الجزائرية منذ القدم، من أجل التيمن بالفأل الحسن إذ تذهب النسوة إلى تحضير بعض المستلزمات التي تدخل في تحضير بعض الكيفيات أياما قليلة قبل حلول فصل الربيع من تمر مسحوق أو كما يسمى بالغرس والعسل والدقيق والسمن خصيصا لأجل تحضير تلك الأطباق أو الكيفيات الحلوة التي اقترن تحضيرها بدخول موسم الربيع. نسيمة خباجة ونجد من الأطباق المحضرة المبرجة التي تترأس كيفيات استقبال فصل الربيع وتختارها العديد من العائلات في أول أيام الربيع، تم تأتي وراءها الكيفيات الأخرى على غرار الرفيس، الفطاير أو المسمن دون أن ننسى البغرير وغيرها من الكيفيات التي تكون تبعا لأعراق المنطقة فنجد في منطقة الشاوية الرفيس بالعسل والفطائر وكذلك ببعض المناطق الغربية التي تميل إلى نفس الأطباق، ليختار سكان العاصمة وضواحيها (المبرجة) وهناك من يختار المقروط المعسل المحضر بالتمر أو اللوز، والقريوش وغيرها من الحلويات التي تحضر بمناسبة حلول فصل الربيع. إذ تعرف الأسواق وكذا المحلات التي تعرض بعض تلك المواد إقبالا كبيرا وحركية غير عادية تظهر من تنقلات النسوة هنا وهناك لأجل جلب بعض المستلزمات، اغتنمنا الفرصة واقتربنا من بعضهن للتعرف على بعض العادات المتبعة مع حلول فصل الربيع، السيدة فطيمة في العقد السابع قالت إنها فعلا اعتادت على استقبال فصل الربيع بالكيفيات الحلوة على غرار الرفيس والمبرجة لتدخل الفرح على أفراد عائلتها في ذلك اليوم فالربيع هو فصل للفرح والبهجة والتفاؤل الذي يظهر من اخضرار الطبيعة وجوها المعتدل، وأضافت أنها لا تتأخر في ذلك اليوم على الخروج إلى الحدائق برفقة عائلتها وبناتها وأحفادها ويرافقون معهم تلك الكيفيات مع أباريق القهوة والشاي ليتمتعون بمناظر الطبيعة ويقضون يوما ممتعا. أما السيدة نعيمة التي التقيناها بسوق باب الوادي فقالت إنها تنهض باكرا في أول أيام الربيع من أجل تحضير الخفاف والبغرير كأكلات تقليدية يهواها أبناؤها كثيرا، وأضافت أنها ورثت تلك العادة الحميدة عن أمها التي كانت لا تفوت تلك المناسبات في ذلك الزمن التي كانت تغلب فيه النوايا الحسنة والسعي وراء جلب الفأل الحسن على عكس ما هو جارٍ اليوم، بحيث لازالت القليل من الأسر من تتمسك بتلك العادات فيما ضيعتها أسر أخرى. وبالفعل اختارت أغلب الأسر الخروج إلى الغابات على غرار غابة بوشاوي وحديقة التسلية ببن عكنون خصوصا وأن أول أيام الربيع صادف يوم الجمعة كيوم للعطلة وظهرت العائلات في منظر جميل عبر الغابات وهي ترافق مختلف الكيفيات الحلوة معها لخلق أجواء مميزة مع أفراد العائلة، كما صنع الأطفال ديكورا جميلا وهم يركضون ويمرحون بالقرب من أوليائهم وكلهم فرح وسرور مع بداية العطلة الربيعية. اقتربنا من إحدى العائلات على مستوى حديقة بن عكنون لعيش الأجواء معها فقال الأب إنهم دائمو الخروج وتسطير تلك الفسحات وصادف اليوم أول أيام الربيع وبذلك حضّرت زوجته الرفيس بالتمر والدقيق للأبناء وجلبوا معهم الأكل وأباريق القهوة والشاي وكذا المكسرات لأجل قضاء سويعات بالحديقة والابتعاد قليلا عن جو العمل المشحون والروتين اليومي. وبذلك حل الربيع وعاشت العائلات الجزائرية أجواءه المفعمة بالأمل والفرح والبهجة لاسيما وأنه فصل تطغى عليه مظاهر طبيعية خلاّبة جالبة للتفاؤل.