المستعمل للحافلات العمومية أو الخاصة يلاحظ سلوكات غريبة بدأت تتغلغل في مجتمعنا، ألا وهي تهافت الرجال وحتى الشبان وتسارعهم إلى الجلوس قبل النسوة وحتى العجائز والشيوخ، واختلف الأمر عما كان عليه في السابق حيث كان الرجال يدعون السيدات والفئات العاجزة إلى الجلوس ويتسابقون فيما بينهم على ذلك السلوك الايجابي لكسب الأجر ودفع المشقة عن الآخرين وإنهاكهم لاسيما العاجزين الذين لا يسعهم الوقوف في ظل تحركات المركبة التي تفقدهم توازنهم. لكن اليوم اختلف الأمر وصار بعضهم لا يعيرون الآخرين أدنى اهتمام فالمهم جلوسهم وتحقيق راحتهم دون غيرهم، ذلك ما سجل حتى في المسافات البعيدة والرابطة فيما بين الولايات التي تتطلب المزيد من الصبر دفعا لمشقة السفر، وعلى الرغم من ذلك نجد بعض أصناف الشبان والرجال من لا يهمهم أمر شابة أو سيدة أو شيخ أو عجوز أو حتى معاق فيظهرون بمظهر اللامبالاة وتسبيق راحتهم هم على راحة الآخرين، ذلك ما سُجّل على مستوى حافلاتنا العمومية والخاصة على حد سواء فبات يظهر فيها الرجال والشبان جالسين، والنسوة والشيوخ واقفين في موقف حرج يندى له الجبين لاسيما بعد تمايل البعض وحتى سقوطهم أحيانا بالنظر إلى تعذر التحكم في اتزانهم في ظل سرعة المركبات. تقول السيدة أنيسة أنها وقفت على تلك المواقف في العديد من المرات حيث شاهدت شباناً يافعين وهم يجلسون، في حين كانت تحاذيهم نسوة من مختلف الأعمار وحتى شيوخ وعجائز ولم يعرنهم أدنى اهتمام، وكانوا يلقون بنظراتهم من النوافذ وكأن شيئاً لم يكن. وأضافت أن في الماضي لم يكن يميز حافلاتنا تلك السلوكات التي تعبر عن أنانية البعض، بل كان الرجل أو الشاب لا يتوانى على النهوض وترك مكانه للآخرين لاسيما السيدات والمسنين. لكن ما نشاهده اليوم هو العكس إذ أضحى الشاب اليافع القوي هو من يجلس في حين يحاذيه الأشخاص العاجزون، فماذا بقي بعد أن أضحى حتى المعاق لا يستفيد من شفقتهم، ولكي ينهض احدهم وجب توجيه الملاحظة له من طرف الجميع للنهوض، وترك مكانه لمن هو أولى به. أما السيد عمر، 35 عاماً، فقال انه يحتار لأمر بعض الرجال والشبان الذي يهون عليهم وقوف بعض الفئات، ويعطون الأولوية لراحتهم وجلوسهم وقال انه وقف مرة على أحد المواقف حيث كان وافدا من البليدة نحو العاصمة فاستغرب من الحالة التي كانت عليها الحافلة والتي ميزها احتلال الرجال والشبان لجميع المقاعد دون أدنى مبالاة، في حين كانت النسوة واقفات وبدت مظاهر الإنهاك والتعب على وجوههن لاسيما مع طول المسافة والازدحام عبر بعض النقاط، وكانت النسوة يتمايلن يمينا وشمالا ومنهن من أوشكت على السقوط بعد أن استعصى عليها حفظ توازنها. وعلى الرغم من شيوع تلك الظاهرة إلا أننا ولحسن الحظ لا نستطيع تعميمها كون أن هناك من الشبان والرجال من لازالوا يتحلون بمكارم الأخلاق ويتسابقون على دعوة النساء والشيوخ إلى الجلوس ويحبذون تحمل مشقة قطع المسافة بدلا عنهم.