أجاز مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ في فتوى جديدة رمي الجمرات كلها في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة على أن تكون بالترتيب. وقال آل الشيخ إنه يجوز للحاج أن يؤخر الرمي إلى اليوم الثالث عشر ويبدأ مرتبا بالرمي لليوم الأول جمرة العقبة ثم يرمي الأولى والوسطى والعقبة عن اليوم الحادي عشر ثم يكررها من البداية عن اليوم الثاني عشر ويكررها عن اليوم الثالث عشر. وأجاز آل الشيخ رمي الجمرات عن العاجز وكبير السن والمرأة والأطفال ومن عجز أناب غيره ومن لم يقدر أو لم يجد من ينيبه ذبح كبشًا. وكان الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رفض إطلاق مبدأ "التيسير" في الحج على عمومه، مشيراً إلى أن التيسير المقبول في الحج لابد أن يتوافق مع الشرع وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيما طالبت ندوة "الحج الكبرى" في بيان لها بتبني التيسير ورفع الحرج باعتبارهما مقصدا من مقاصد الشريعة، والأخذ بالرخصة الشرعية عند الحاجة، وتفعيل قاعدة "تغير الأحكام بتغير الأحوال والأزمان" التي تنطبق على الأحكام الفقهية المُستنبَطة عن طريق الاجتهاد. وقال المفتي في اللقاء السنوي للدعاة المشاركين في الحج مساء الثلاثاء 26 ديسمبر2006 بعد يوم واحد من انتهاء فعاليات الندوة التي عقدت في مكة واستمرت ثلاثة أيام، إن التيسير لا يكون بنقض الواجبات وهدم أركان الحج. وأضاف أن الحج لا يجوز أن يكون ألعوبة "كل من يفتي على هواه دون الرجوع إلى أقوال علماء الأمة" مبينا أن أعمال الحج مقترنة بالإخلاص وموافقة شرع الله وسنة نبيه مع الاستشهاد بالدليل من الكتاب والسنة أو الإجماع. وفي ذات السياق أوضح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف السعودي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ أن التوعية في الحج عمل متكرر من حيث التطوير والتنويع لكنه متجدد وشمولي، وأن الدعوة لابد أن تكون وفق السنة حتى لا تتحول مناسك الحج إلى صفات محدَثة متنوعة. وطالب الدعاة بالتيسير ورفع الحرج على الحجاج فيما لم يظهر فيه دليل، والحرص على براءة الذمة في إصدار الفتوى، وأن يعي الدعاة الكلمة التي يقولونها، وأن يكونوا على قلب واحد وتصفية لنفوس بدون قدح أو غيبة. إجماع على التيسير وكانت "ندوة الحج الكبرى" التي نظمتها وزارة الحج السعودية تحت عنوان "التيسير في الحج في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها" قد شهدت مناقشات بين عدد كبير من العلماء والفقهاء والمفكرين وأصحاب الرأي من مختلف دول العالم الإسلامي، وذلك قبل أن تصدر بيانها الذي تبنت فيه مبدأ التيسير في الحج. وأوضح البيان بأن قاعدة التخفيف في أحكام الشريعة قاعدة عامة معتبرة في كتاب الله عز وجل بنص الآية الكريمة: "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا". وأكدت الندوة على أن التيسير والتخفيف المشروعين منضبطان بنصوص الشريعة وأحكامها ومقاصدها، ولا يجوز التوسع فيهما بما يؤدي إلى تحريف أحكام الشريعة وتبديلها وتعطيلها؛ فالتيسير لا يعني الانحلال من أحكام الدين أو إتباع الهوى والتشهي، إلى جانب التأكيد على أن التيسير في الشريعة بعامة، وفي العبادات بخاصة، وفي الحج بوجه أخص، هو الأخذ بالرخصة عند الحاجة إليها، وأداء الواجبات الشرعية بأسهل الطرق المشروعة، وليس معناه التفريط أو التساهل في أداء التكاليف الشرعية. معيار دقيق لمعنى التشدد وأوضح البيان الختامي للندوة على أن الرخصة الشرعية هي التي تقوم على دليل شرعي معتبر، وتصدر من عالم ثقة في دينه وعلمه، وتوصي بناء على ذلك بوضع الإجراءات والتدابير المناسبة لمنع كل من ليس أهلاً للفتوى من الإفتاء بغير علم. وأكدت على ضرورة وضع معيار علمي دقيق ومنضبط لتجلية معنى التشدد وحدوده، حتى نأمن من الوقوع في منزلق تهوين إتباع السنة. وأشارت إلى أن الأحكام الجديدة المستنبطة في فقه الحج يجب أن تكون مراعية لقاعدة التيسير ورفع الحرج باعتبار التيسير ورفع الحرج مقصداً من مقاصد الشريعة الغراء، ويجب أن تكون غير متعارضة مع ثوابت الشرع ونصوصه القطعية حتى لا يتحول التيسير إلى تحريف وتحلل من أحكام الشريعة الثابتة ونصوصها القطعية في ثبوتها ودلالتها. وأبدت الندوة ملاحظتها أنه إذا صارت الأحكام الفقهية المستنبطة عن طريق الاجتهاد تؤدي إلى المشقة الزائدة أو الضرر المحقق، فيلزم عند ذلك إعادة النظر فيها وفقاً لقاعدة: "تغير الأحكام بتغير الأحوال والأزمان". الفتوى الجماعية وشددت التوصيات على ضرورة اتباع منهج الفتوى الجماعية والاجتهاد الجماعي في المجامع والندوات والمؤتمرات الفقهية وبخاصة في الأمور العامة والقضايا الخطيرة المتعلقة بمصير الأمة ومستقبلها، مع الإشارة إلى أن التعصب المذهبي سبب رئيس من أسباب الوقوع في الشدة والمشقة وترك الرخصة والتيسير. وأكدت الندوة على ضرورة البعد عن التحايل المذموم والتلفيق المضلِّل، إلى جانب التوصية بنشر الفتاوى المتعلقة بالتيسير وجوانبه المختلفة والتي يتضح فيها فقهُ الفقهاء وفهمُ العلماء في مراعاة الدليل والواقع المستجدّْ من كل جوانبه، وتزايد أعداد الحجاج، وضيق المكان والزمان، وذهاب الأنفس والأرواح.