الأطفال عادة في أعوامهم الأولى يكونون أكثر تأثراً بالأشخاص من حولهم، خاصةً أولئك الذي يرافقونهم في معظم ساعات النهار ويتواصلون معهم بلغة الجسد، فهؤلاء يتركون فيهم أثرا طيلة حياتهم. وسريعاً ما يتبادر إلى الذهن بأن هؤلاء الأشخاص هم الآباء أو الأجداد، إلا أن هنالك الأكثر تأثيراً وهم المربون. خاصة إذا كانت الأم امرأة عاملة أو لديها أكثر من طفل حينها يعتبر وجود مربية الأطفال أمر هام للمساعدة في إنجاز بعض المهام، وقد صارت الأسر الجزائرية تعتمد كثيرا على المربية بحكم الحضور القوي للنسوة في ميدان العمل حتى أن هناك من النسوة من جلبن المربيات إلى البيوت لرعاية أطفالهن. لكن معظم الأمهات يُبدين مخاوفهن من وجود مربية أطفال في منازلهن، إلا أن الاختيار السليم وطريقة التعامل الصحيحة مع مربية الأطفال يختصر عناءً وجهداً كبيرين على كلا الطرفين. لذا سنتطرق في المقال التالي إلى موضوع ذو أهمية كبيرة لأثره الجليّ على الأطفال بعد مرحلة عمرية معينة يمتد معه لفترة طويلة أو طيلة الحياة، ألا وهو أُسس اختيار مربية الأطفال وطرق التعامل معها. أُسس اختيار مربية الأطفال يحتاج الطفل في المرحلة الأولى من عمره إلى الشعور بالأمن والطمأنينة للشخص التي يتعامل معه عن قُرب ويشاركه الكثير من وقته، لذا على الأبوين أن يحرصا على توافر الأُسس التالية في مربية طفلهم. -أن تكون ذات لياقة بدنية وعقلية ونفسية لتلبية احتياجات الطفل واستيعاب المسؤولية التي تقع على عاتقها. -ألّا تُعاني من أيّة أمراض أو عيوب خُلقية؛ فهذا من شأنه أن يثير الرعب والارتباك عند الطفل. -أن يكون لديها خلفية علمية وعملية عن تربية الطفل؛ لتسهيل لغة التواصل بينها وبين الطفل. - أن تتمتع بروح مرحة؛ لتبث الطمأنينة بنفس الطفل والتقرّب له. ولا بدّ هُنا من الإشارة إلى أنه على مربية الطفل سؤال أهل الطفل عمّا يحب ويكره، وعن مهاراته وهواياته بالإضافة إلى نقاط قوته وضعفه. طرق التعامل الصحيحة مع مربية الأطفال - لابد على الوالدين أن يبنيا جسر تواصل مع المربية منذ البداية لتحقق الأهداف المرجوّة لكلا الطرفين. وكذا عدم التعامل مع مربية الطفل على أنها جزء لا يتجزأ من العائلة، فهي تعمل وتتقاضى أجراً جرّاء ذلك. إلا أن هذا لا يمنع بأن تكون العلاقة معها مبنيّة على الاحترام والمودّة. عدم طلب مجهود إضافي من المربية طالما أنها تقوم بعملها على أكمل وجه. - التعامل معها باحترام ومودّة خصوصاً أمام الطفل حتى ينعكس ذلك عليه فيما بعد. - مفاجأة المربية بالعودة إلى المنزل دون موعد مسبق أو على غير العادة، فردّة فعل الطفل حينها تحمل جواباً كافياً عن تعاملها معه. - الحرص على التواجد مع الطفل في بعض الأمور الهامّة مثل: الاستحمام، عند النوم قراءة القصص حتى يضمن ترابط روحي قوي معه فيما بعد. - الابتعاد عن أسلوب التوجيه والأمر والنهي للمربية خاصةً أمام الطفل. - إعلام المربية في وقت مسبق عن أسلوب التربية المُتبع والقواعد المسموح بها حتى تكرر ذلك على الطفل في حال غياب الأبوين. - تحديد إجازة أسبوعية أو شهرية للمربية. - شُكر المربية في حال لُوحظ على الطفل تحسنا في سلوكه وأدائه. كل هذه الأُسس عند اختيار مربية الأطفال واتباع الطرق سابقة الذكر للتعامل معها ينعكس بالإيجاب عليها وعلى الأطفال حتى على الراحة النفسية للأبوين تجاه أطفالهم وعدم الشعور بالتقصير كونهما استعانا بمربية لعدم مقدرتهم على التواجد معهم لأوقات أطول بسبب ظروف الحياة. لذا ننصح كل أب وأم خاصةً باتباع النقاط السابقة للحصول على النتيجة المرجوّة لأن الطفل في سنواته الأولى عبارة عن صفحة بيضاء تلتقط تصرفات وسلوكيات من حولها.