(أيّتها السيّدات الفضليات، أيّها السادة الأفاضل.. اليوم هو اليوم الوطني للصحافة الذي أسّسناه العام الماضي بموجب مرسوم، توافقا مع 22 أكتوبر، تاريخ صدور مجلّة المقاومة الجزائرية أثناء الحقبة الاستعمارية، في خضّم الاستعدادات لإحياء الذكرى الستّين لاندلاع ثورة التحرير المباركة. إنها لذكرى تاريخية عزيزة على قلوبنا الساكنة في وعينا، الرابضة في وجداننا، نعيش فيها لحظات مليئة برموز التضحية والفداء ومعاني الإخلاص والوفاء ومحطات كبرى وذكريات تاريخية خالدة. أيّتها السيّدات الفضليات، أيّها السادة الأفاضل.. إن إقران هذا اليوم الوطني بمرجعية تاريخية للتأكيد على الدور الريادي الذي قام به الرعيل الأوّل من الكتّاب والمثقّفين والصحفيين والإعلاميين الجزائريين من أجل انعتاق شعبهم واسترجاع سيادته وحرّيته المغتصبتين خلال أكثر من قرن وربع القرن من استعمار استيطاني غاشم. إن اختيار هذا التاريخ الرمز يشكّل بالنّسبة لجيل اليوم مصدر اعتزاز وإلهام في معتركه المهني والوظيفي بالنّظر إلى سمو ونبل المثل والقيم كرسالة خالدة دافع عنها أسلافه. لقد خصّصنا يوما وطنيا لفئة الصحفيين من منطلق إدراكنا للدور الذي تلعبه هذه الفئة في الجهد الجماعي للمساهمة في البناء الوطني والقومي وتعميق حرّية التعبير وإشعاع مثل الحقّ والعدالة في المجتمع والذود عن مصالح الوطن أمام المخاطر المتعدّدة الأشكال والمشارب المحدقة به. وجاء سعينا هذا تزامنا مع استمرار تعزيز منظومة الإعلام بالأطر التشريعية والتنظيمية الضرورية لاستكمال بنائها القانوني المرتكز على الأسس والمقاييس المعمول بها في العالم. لقد حرصت، منذ صدور القانون العضوي المتعلّق بالإعلام، على أن يكون هذا البناء شاملا لكلّ النشاطات المرتبطة به، بما يكفل للصحفيين والإعلاميين وكافّة المتدخّلين آداء مهامهم في انسجام مع المهام المنوطة بهم، بعيدا عن أيّ مزايدة أو خرق للقانون أو مساس وتشويه للأهداف المتوخّاة من هذه المهنة، بما يتنافى وقواعد أخلاقياتها وآدابها. إنّي أهيب بالصحفيين والإعلاميين جميعهم من أجل الانضمام إلى مسار استكمال البناء القانوني للمنظومة الإعلامية، خاصّة فيما يتعلّق بتمثيلهم في سلطة ضبط الصحافة المكتوبة ومجلس أخلاقيات المهنة وآدابها، وبما يسمح لهم بالمساهمة والمشاركة في ترقية المهنة والدفاع عن مكاسبهم. أيّتها السيّدات الفضليات، أيّها السادة الأفاضل.. إن روح نوفمبر 54 التي نسترجع ذكراها الستّين هذا العام تملي على جيل اليوم إدراك طبيعة التحدّيات الجديدة المحيطة ببلادنا، في وقت تعدّدت وتشعبّت فيه وسائط الاتّصال الحديثة. وهو مدعو إلى الارتقاء إلى مستويات متقدّمة من التضحية والتفاني للأخذ بزمام المبادرة والتصدّي لمثل تلك التحدّيات. على جيل اليوم أن يأخذ القدوة من أولئك النّساء والرّجال الذي نالوا بصنعهم البطولي إعجاب وتقدير العالم كلّه فكانوا مثالا حيّا ومتميّزا للإنسانية جمعاء، وعليه أيضا أن يحافظ على هذا الإرث الذي يمثّل رصيدا ثمينا لا ينضب بما ينطوي عليه من قيم سامية للتفاني والإخلاص والفداء.. هذه رسالتي لكم في يومكم الوطني هذا. أيّتها السيّدات الفضليات، أيّها السادة الأفاضل.. دمتم ذخرا للجزائر، حريصين على عزّتها وكرامتها، جديرين بالانتساب إلى الأجيال التي سبقتكم في الدفاع عن هذا الوطن المفدّى بالتضحية والوفاء لرسالة نوفمبر الخالدة، فتحية تقدير لأسلافكم وهنيئا لكم أنتم، جيل الحاضر، في احتفالكم اليوم الوطني للصحافة. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.. والسلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته).