يعيش النّظام المغربي خلال الأيّام الأخيرة حالة من التململ بعد أن انكشفت مغالطاته في قضية الصحراء الغربية أمام الرأي العام الدولي، تململ أكّد للمرّة الألف معاناته من العقدة الجزائرية بعدما أقحمت وزارة الخارجية المغربية اسم الجزائر كبلد (متّهم) بما وصفته (التنسيق مع مصر من أجل عزل المغرب دوليا)، وذلك في أعقاب الأزمة الدبلوماسية التي تصاعدت حدّتها بين الرباطوالقاهرة. قالت وسائل إعلامية مغربية أمس إن السفير المغربي في القاهرة عاد إلى بلاده، ممّا يشير إلى أن الأزمة بين البلدين مرشّحة للمزيد من التصعيد. وذكرت المصادر أن السفير سعد العلمي وصل إلى المغرب قادما من القاهرة، وسط أزمة بين البلدين تفجّرت بعدما بثّ التلفزيون المغربي الرسمي تقريرا قبل أيّام وصف فيه الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي بقائد الانقلاب، كما وصف الرئيس المعزول محمد مرسي بالرئيس المنتخب. لكن رغم ذلك، اتّسم خطاب وسائل الإعلام المصرية بالنزوع نحو التهدئة والبحث عن المصالحة وعدم السماح بما سُمّيت محاولات الوقيعة. وفي السياق أضاف المخزن إلى حصيلة اتّهاماته المتكرّرة والباطلة في حقّ الجزائر تهمة (التنسيق مع مصر لعزل المغرب) بعدما قال مسؤول في الخارجية المغربية إن تنسيقا مصريا جزائريا لدعم جبهة البوليزاريو وهجوم الإعلام المصري المستمرّ على الرباط هما سبب تغيير لهجة خطاب التلفزيون المغربي الرسمي اتجاه القيادة المصرية الحالية. وأوضح المسؤول المغربي أن الرباط غضبت من زيارة وفد مصري خلال الأسبوع الماضي إلى العاصمة الجزائرية من أجل حضور مؤتمر دولي داعم لجبهة البوليزاريو. ولم يستبعد الدبلوماسي المغربي أن يكون للتقارب المصري الجزائري علاقة بالأزمة الأخيرة، قائلا إن (هناك خصوما للبلدين يريدون لمصر أن تبقى معزولة، وبالنّسبة للجزائر فبالطبع هي تريد للمغرب أن ينعزل دبلوماسيا، وتوتّر العلاقات المغربية المصرية قد يريحها حتى وإن لم تسع إليه). هذا، ويعمد نظام الملك محمد السادس منذ مدّة إلى إقحام الجزائر في كلّ الأزمات الداخلية والخارجية التي تشهدها المغرب، حيث يغتنم كلّ المناسبات الوطنية والدولية وحتى الدينية لإطلاق اتّهاماته الباطلة وتطاوله غير المبرّر على جارته الشرقية، هذه المناورات المكشوفة يسعى بها المغرب إلى تصدير مشاكله الداخلية وتحويل أنظار المغاربة صوب أزمة مفتعلة مع الجزائر التي انبرت لهذه الاستفزازات بمبدأ الترفّع عن الحماقات، وهو ما يربك نظام السادس ويجعل مساعيه الخبيثة (زوبعة في فنجان). وتسعى الدبلوماسية المغربية إلى تعويض تفوّق نظيرتها الجزائرية على مستوى المحافل الدولية من خلال الإكثار والتفنّن في صياغة التصريحات المعادية، والتي تصدر عنها بصفة دورية جعلها بمثابة (أسبوعيات مخصّصة للتهجّم على الجزائر)، فتارة تتّهم الجارة الشرقية بإطلاق النّار على الحدود وإصابة مواطنين مغاربة وتارة أخرى تزعم ضلوع السلطات الجزائرية في تسريب وثائق سرّية للخارجية والمخابرات، في محاولات يائسة لتبرير فشلهم في مجاراة الدبلوماسية الجزائرية التي تفوّقت بالطول والعرض في المحافل الدولية. ومعلوم أن الجزائر ومصر دخلتا في أزمة أعمق من الأزمة الجديدة مع المغرب، وكان ذلك عام 2009 عقب مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين في أم درمان بالسودان، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وعرفت الأزمة منحنيات خطيرة تدخّلت خلالها العديد من البلدان لتلطيف الأجواء بين البلدين ولم يتمّ ذلك إلاّ بعد رحيل مبارك ومجيء الإخوان إلى الحكم في مصر بقيادة الرئيس محمد مرسي، لذلك استنتج المخزن بخبثه المعهود أن التقارب الجديد بين الجزائر ومصر بعد تلك الأزمة أمر (غير طبيعي) ويراد منه الإساءة إلى المغرب وعزلها دوليا، وأن مصر اتّخذت من تقرير بثّ على التلفزيون الرسمي المغربي سببا في التصعيد ضد الرباط، بينما يسود حديث عن أن وزير الخارجية المصري سامح شكري سيجري زيارة للمغرب قريبا من أجل إيجاد حلّ لهذا التوتّر في العلاقات بين البلدين، وهو ما رجّحه دبلوماسي مصري بالقاهرة أيضا بغرض (وأد الأزمة الأخيرة بين البلدين).