صحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام، تتضمن معاني على بني البشر تعلمها، فتلك المعاني التي علمها الرسول لأصحابه رضوان الله عليهم فحين ذهب إلى بيت أبي بكرٍ _رضي الله عنه- فقال: الصحبة يا رسول الله _ قال: (الصحبة) رواه البخاري (2138) من حديث عائشة _رضي الله عنه- رغم أن أبا بكرٍ-رضي الله عنه- صحب النبي _صلى الله عليه وسلم- منذ أن آمن به وبما جاء به ففي حادثة الإسراء والمعراج لما ذهب كفار قريش إلى أبي بكر-رضي الله عنه- يقولون له: إن صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس ثم أصبح بين أظهرنا فقال أبو بكر _رضي الله عنه- إن كان قال ذلك فقد صدقت. ولكن لمزيد من التضحية والبذل لدين الله _عز وجل- وفي ذلك مزيد خير كانت الصحبة في الهجرة والملازمة التامة لرسول الله _صلى الله عليه وسلم- وفي طريق الهجرة رويت أمثلة حيّه لهذه التضحية منها ترك المال والأهل والوطن، ومنها دخوله لغار ثور قبل النبي _صلى الله عليه وسلم- مخافة أن يكون فيه شر فيلحقه قبل النبي _صلى الله عليه وسلم-، ومنها وضع أبو بكر _رضي الله عنه- رِجله في مكان (جُحر) مخافة أن يخرج منه شيء يؤذي النبي _صلى الله عليه وسلم- حتى أن العقرب لدغته فلم يصدر صوتاً حتى لا يزعج النبي _صلى الله عليه وسلم-. ومنها وهما في الطريق يمشي أبو بكر _رضي الله عنه- أمام النبي _صلى الله عليه وسلم- وتارة يمشي خلفه وتارة عن يمينه وتارة عن يساره يحوط النبي _صلى الله عليه وسلم- من جميع الجهات، ثم تمثلت هذه الصحبة في أبي بكر وعمر _رضي الله عنهما- فقد روى البخاري (3692)عن المسور ابن مخرمة قال: لما طُعن عمر _رضي الله عنه- بدأ يتألم، فقال له ابن عباس _ رضي الله عنهما- : يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله _صلى الله عليه وسلم- فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكرٍ-رضي الله عنه- فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم، فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون، قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ورضاه، فإنما ذاك مَنٌّ مِن الله تعالى مَنَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكرٍ-رضي الله عنه- فإنما ذاك مَنٌّ مِن الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي، فهو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طِلاع الأرض ذهباً، لافتديت به من عذاب الله _عز وجل- قبل أن أراه. فهذا قول عمر _رضي الله عنه- مع علو كعبه وفضله فما قولنا نحن وهذا التقصير والتفريط فينا !!! وتمثلت تلك الصحبة بين أصحاب النبي _صلى الله عليه وسلم- جميعاً _رضي الله عنهم- حينما آخى النبي _صلى الله عليه وسلم- بينهم في المدينة وغير ذلك من معانٍ في صحبٍ رضي الله عنهم ورضوا عنه. تلك المعاني في الصحبة نحتاج إليها وخاصة في طلب العلم الشرعي ونشره فهل هناك اثنان اصطحبا على حفظ كتاب الله _ عز وجل- أو حفظ متن من المتون متحملين تبعات ذلك. ونحتاج إلى تلك المعاني في الدعوة إلى الله لرفع الهمة وتفعيل الذات والارتقاء إلى مستوى الروح وتطبيق المعاني الإيمانية.