نجح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في تفكيك (قنبلة الغاز الصخري)، حين أعلن أن استغلال الغاز الصخري في الجزائر (ليس واردا في الوقت الراهن)، وهو ما يسحب ورقة هامّة من أيدي المتربّصين باستقرار الجزائر الذين حاولوا ركوب احتجاجات مشروعة من مواطنين خائفين على صحّتهم وبيئتهم، ويبقى الآن على الحكومة أن تقوم بدورها الاتّصالي الضروري لإزالة كلّ المخاوف بشأن هذا المشروع المثير للجدل. الرئيس بوتفليقة الذي أرجع احتجاجات السكان الرافضين لاستغلال الغاز الصخري إلى (سوء الفهم والمخاوف) التي أثارتها التجارب الأوّلية في مجال الغاز الصخري طلب من الحكومة مواصلة الشروحات لفائدة السكان المحلّيين والرأي العام من أجل توضيح أن عمليات الحفر التجريبية في عين صالح ستنتهي في (القريب العاجل) والتأكيد أن استغلال هذه الطاقة الجديدة (ليس واردا في الوقت الراهن)، وهو تأكيد مباشر من القاضي الأوّل في البلاد على أن كلّ ما قيل عن استغلال الغاز الصخري كان مجرّد (مضاربات)، وأن الحقيقة هي أن السلطات لا تفكّر في استغلال هذا النّوع من الطاقة في الوقت الحالي، وما يعزّز هذا التوجّه أيضا هو حزمة القرارات المتّخذة بهدف إعطاء دفع قوي للصناعة والتنمية في الجنوب والهضاب العليا، الأمر الذي يمكن أن يسمح بالتخلّص من ربقة التبعية للنفط. في سياق ذي صلة، فنّد الرئيس المدير العام بالنيابة لمجمّع سوناطراك سعيد سحنون وجود مشروع استثماري بقيمة 70 مليار دولار خاص بالغاز الصخري، مؤكّدا أن تصريحاته الصحفية نقلت بشكل (مغرض). وقال سحنون في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية: (هذا الرقم تمّ نقله بطريقة مغرضة، لم أقل أبدا إن سوناطراك ستستثمر 70 مليار دولار لاستغلال الغاز الصخري)، وأضاف يقول: (قلت إنه في حال اعتبرنا إطار تنمية لإنتاج 20 مليار متر مكعّب سنويا [على مدى 20 سنة] سنحتاج إلى حفر 200 بئر سنويا، ما سيعادل استثمارا بحوالي 70 مليار دولار). واعتبر السيّد سحنون أن هذا المبلغ ليس سوى تقدير تمّ حسابه على أساس فرضية إنتاج 20 مليون متر مكعّب سنويا. واستطرد محذّرا (إنه من باب المضاربة تقديم فرضيات حول نسب الاستخراج). وأكّد السيّد سحنون أن سوناطراك (عند هذا الحدّ لم تتّخذ أيّ قرار باستغلال الغاز الصخري، لا سيّما وأن الجدوى التقنية والتجارية للمشروع لم تتأكّد بعد بالرغم من أن حوض أحنات (عين صالح) يزخر باحتياطات هائلة، وأشار إلى أن عمليتي الحفر التجريبيتين ستسمحان لسوناطراك بقياس ما يوفّره بئر واحد من الغاز الصخري في الجزائر. يذكر أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أكّد خلال اجتماع مصغّر خصّص يوم الثلاثاء للتنمية في ولايات الجنوب والهضاب العليا أن استغلال الغاز الصخري في الجزائر (ليس واردا في الوقت الراهن)، وأضاف رئيس الدولة أنه إذا (تبيّن أن استغلال هذه الموارد الوطنية الجديدة من المحروقات يشكّل ضرورة مُلحّة لتحقيق الأمن الطاقوي للبلد على المديين المتوسّط والطويل فإنه يتعيّن على الحكومة السهر بصرامة على ضمان احترام المتعاملين المعنيين للتشريع من أجل حماية صحّة المواطنين والحفاظ على البيئة). من جهة أخرى، أكّد سعيد سحنون أن مجمّع سوناطراك يتحكّم في تقنية التصديع الهيدروليكي التي تستعملها هذه الشركة منذ التسعينيات دون أن يكون لها تأثير على البيئة، وأوضح يقول في هذا الشأن: (لقد طبّقنا هذه التقنية سنة 1992 في حاسي الرمل على طبقات جيولوجية غير سميكة استخرجنا منها النفط بفضل عمليات حفر أفقية)، وأضاف في ذات الصدد أن سوناطراك لجأت أيضا في حاسي مسعود إلى هذه التقنية للتنقيب في هذا الحقل النفطي الضخم الذي دخل حيّز الإنتاج منذ سنة 1956. وقال مسؤول سوناطراك إنه منذ سنة 2006 إلى سنة 2010 قام المجمّع بتصديع معدل 50 بئرا في السنة بحاسي مسعود، مسجّلا أن عمليات الحفر هذه على غرار الآبار التقليدية مرّت بطبقات مائية دون أن يكون لها مع ذلك تأثير على البيئة.