خبراء يوصون بحلول حلال لمواجهة أزمة البترول من قال إن الوقوف بوجه الأزمات الاقتصادية يكون بالابتعاد عن شرع الله والاعتماد على التعاملات الربوية؟ هذا المفهوم الخاطئ الذي يسوقه بنو علمان ومن يأتمر بأمرهم في الجزائر، أبطله أخيرا نخبة من الخبراء الاقتصاديين الجزائريين الذين أوصوا الحكومة باللجوء إلى الصكوك الإسلامية لتمويل المشاريع، فيما اعتبروه (الحل الأمثل) لمواجهة أزمة البترول. يجزم خبراء مالية جزائريون أن اللجوء لطرح الصكوك الإسلامية لتعبئة المدخرات وتمويل المشاريع العمومية يعدّ الحل الأمثل لمواجهة مشكلة تراجع مداخيل البلاد بسبب تراجع أسعار النفط عالميا. ويأتي ذلك بعد تصريح وزير المالية محمد جلاب بأن الحكومة ستلجأ مستقبلا في تمويلها للمشاريع العمومية إلى البنوك والسوق المالية بعد انهيار أسعار النفط، وتراجع مداخيل البلاد من المحروقات. وفي السياق ناقش خبراء اقتصاد تصريحات جلاب وسجلوا ملاحظات كان أهمها أن الوزير اعترف بأن مشاريع الدولة لم تكن تمول من السوق المالية وإنما من طرف الخزينة العمومية. وحسب الخبير الاقتصادي سليمان ناصر فإن هذا الأمر مخالف لما يحدث في أي اقتصاد عصري، لكن الملاحظة الأبرز -حسب سليمان- هي أن جلاب بتصريحاته أعطى الفرصة لطرح فكرة الصكوك الإسلامية لتعبئة المدخرات وتمويل مشاريع الدولة كما يحدث في باقي الدول. وأوضح ذات الخبير الاقتصادي في بحث أكاديمي اطلعت عليه (أخبار اليوم) وحمل عنوان (الصكوك الإسلامية كأداة لتمويل التنمية الاقتصادية وإمكانية الاستفادة منها في الجزائر)، أن هذه الصيغة من الأدوات التمويلية الإسلامية التي تتيح المشاركة الشعبية لدعم احتياجات ومتطلبات التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال توجيه الأموال التي يتم تجميعها من حصيلة الاكتتاب في هذه الصكوك نحو الاستثمار المباشرة في القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة، كما يمكن الاستفادة منها في دعم وتنمية موارد الوقف الإسلامي. وتساهم الصكوك الإسلامية حسب الدكتور سليمان ناصر في تحقيق التنمية الاقتصادية لقدرتها على حشد الموارد المالية لتمويل المشروعات التنموية الكبرى مثل مشروعات البنية التحتية كالنفط والغاز والطرق والمواني والمطارات وغيرها، كذلك لتمويل التوسعات الرأسمالية للشركات وتمويل المشاريع التنموية الخيرية. من جانبه اكد الخبير في الاقتصاد الاسلامي الدكتور فارس مسدور أن الجانب الشرعي يشكل إشكالا كبيرا في المنظومة المصرفية الجزائرية، لأنها لا تحتكم إلى الشريعة الإسلامية، وهذا مخالف -حسب قوله- للدستور الذي ينص في مادته الثانية على أن دين الدولة الإسلام، والسبب في ذلك وجود مجموعة متنفذة داخل البنك المركزي ترفض أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر التشريع المصرفي . وكشف المتحدث في تصريحات لموقع الجزيرة نت أمس عن قيام البنك العربي بإصدار الصكوك الإسلامية ومنح هامش ربح يقدر ب4 على الإيداعات والمدخرات، لكن هذا البنك الذي يبقى تقليديا رغم تسويقه للمنتجات الإسلامية تلقى تحذيرا من البنك المركزي من تسويق هذه المنتجات، وهو الأمر الذي وصفه مسدور ب الخطير لأنه تضييق على الناس في المجال المصرفي. ورغم إقراره بأن فكرة إصدار الصكوك الإسلامية تعد حلا للأموال الضخمة التي تتداول بعيدا عن المسار المصرفي، فإنه استبعد إقبال الحكومة على تمويل مشاريعها عن طريق هذه الصيغة، لأن المانع إيديولوجي وليس تقنيا، ولأن المنتجات الإسلامية أثبتت نجاعتها في دول عدة منها دول أوروبية. يذكر أن الجزائر فتحت المجال للاستثمار في أنواع محددة من المنتجات الإسلامية من خلال برنامج إصلاح المنظومة البنكية، إلا أن تجربة البنوك الإسلامية في بلادنا جد متواضعة، بسبب العراقيل البيروقراطية، حيث لا يجهل العارفون بخبايا (حروب المصارف) أن البنوك الإسلامية تواجه حصارا حقيقيا تفرضه لوبيات مالية يزعجها التعامل الصيرفي القائم وفق احترام قواعد الشريعة الإسلامية ويضيرها أن تجد بعض المصارف الإسلامية موطئ قدم في الجزائر المسلمة، وهي الحقيقة المؤلمة لبعض الجهات المشبوهة التي تضع عقبات كثيرة أمام البنوك الإسلامية.