أعطى ديننا الإسلامي الحنيف للجار قيمة كبيرة ومنحه حقوقا تشبه حقوق أفراد العائلة كحق الزيارة في الأفراح والأقراح، والعيادة حين المرض، والمواساة حين المصيبة والمعونة حين الحاجة، كف الأذى وغيرها من الواجبات والحقوق وخير دليل على ذلك حديث خير خلق الله محمدا صلى الله عليه وسلم في الجار فقد قال: (ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثَه)، ولكن هذه القيم انمحلت واندثرت في زماننا هذا فقد أصبح الجار عدوا لبعض الأفراد في مجتمعنا ما جعلنا نعيش في حروب دامية يوميا في أحيائنا السكنية لأتفه الأسباب في العديد من الأحيان. عتيقة مغوفل الماشي اليوم في العديد من الأحياء السكنية بالعاصمة يتفاجأ لسماعه صراخا وسبا وشتما، يسمع من شدة علوه في الكثير من الأحيان من مسافات بعيدة، ينبعث من العديد من العمارات التي تكون آهلة بالسكان والسبب شجارات بين جارتين وفلانة وعلانة من أجل لا شيء في بعض الأحيان، ومن أجل شجارات الأطفال في أحيان أخرى، وقد أصبحت هذه الظاهرة منتشرة في مجتمعنا بكثرة للأسف بعد أن كانت (الحرمة) تخيم على التجمعات السكنية يوما من الأيام، ومن أجل رصد بعض هذه المشاكل قامت (أخبار اليوم) بمقابلة بعض الأشخاص الذين يعانون من هذا المشكل. جيرانها حاولوا بكل الطرق تنغيص معيشتها أول من التقيناها كانت السيدة (سمية) قاطنة بأحد الأحياء ببلدية باينام منذ أزيد من 12 عاما، وقد تحصلت على المسكن الذي تقطن فيه، بعد عملية الترحيل التي مست الحي الذي كانت تقطن فيه رفقة عائلتها في بلدية الرايس حميدو، وقد تحصلت على شقة في الدور الثالث وفوقها في الدور الرابع تقطن عائلة رحلت هي الأخرى من حي الرايس حميدو، هذا أن العائلتين تعرفان بعضهما البعض من قبل، ورغم ذلك فقد وقعت بينهما مشاكل كثيرة ولأسباب فارغة في الكثير من الأحيان، لعل أهم سبب كان حسبما روت لنا السيدة (سمية) هو نشر الملابس فالجيران كانوا يتربصون بالسيدة سمية كلما تقوم بغسل ملابس أفراد عائلتها و تقوم بنشرها وحين تقرب من أن تجف، يقوم جيرانها بنشر غسيل مبلول جدا ليقطر على ملابسها عن قصد، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فحسب بل يقوم أحيانا برمي بعض الأوساخ على ملابسها المنشورة والنظيفة، وكانت السيدة (سمية) كلما تحاول التحدث مع جارتها في الموضوع تقوم بناتها بشتم السيدة (سمية) والتطاول عليها، ليتطور الأمر فيما بعد حيث أصبحوا كل يوم وفي الساعات الأولى من الصباح خاصة أيام العطل يحدثون الضجيج حتى يزعجوها رفقة عائلتها من بزوغ الساعات الأولى من الفجر، لكن الأمور بقيت على حالها ولم يكف الجيران عن أذية السيدة (سمية) وعائلتها، ما دفعها لتقديم شكوى لدى مصالح الأمن وهو الأمر الذي وضع الجيران أمام الأمر الواقع ليطلبوا السماح من السيدة (سمية)، خوفا من تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، وحسب السيدة (لولا لجوئها إلى مصالح الأمن الوطني ماكان الجيران قد كفوا بلاهم عنها). تجرأوا على الاستحواذ على منزلها بعد السيدة (سمية) جمعتنا الأقدار بالسيدة (هناء) هي الأخرى قاطنة بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة، بالضبط بحي بلكور واحد من أقدم الأحياء على المستوى الوطني، وقد تعرضت السيدة (هناء) كسابقتها للعديد من المشاكل من طرف جيرانها، فالسيدة (هناء) أرملة وأم لفتاة تبلغ من العمر 8 سنوات توفي زوجها منذ 3 سنوات فبقيت السيدة هناء دون معيل لتقرر بعدها أن تخرج للعمل حتى تسود جوعها وجوع ابنتها الصغيرة التي لا معيل لها غير والدتها، وقد تركها زوجها المتوفي تسكن في بيت مستأجر من طرف أحد الخواص وقد قررت السيدة هناء أن تحتفظ بالبيت وتبقى تدفع الإيجار كما كان زوجها يفعل، ولكن جيرانها كانوا يتربصون بالبيت الذي كانت تقطن به وذلك من خلال محاولة تنغيص حياتها حتى تخرج منه ويأتون بعدها بأحد أفراد عائلتهم حتى تسكن فيه، وقد حاولت الجارة المسيئة بكل الطرق طرد السيدة (هناء) من البيت فقد بدأت بإزعاجها في الليل من خلال إحداث الضجيج حتى لا تتركها هي وبنتها الصغيرة تنامان، فكل ليلة كانت الجارة المسيئة تقوم بتشغيل جهاز التلفاز بصوت مرتفع للغاية، من أجل إثارة غضب السيدة هناء التي كانت تلتزم الصمت في كل مرة خوفا من جارتها المسيئة، لتتطور الأمور فيما بعد إلى أسوء من ذلك فقد أصبحوا كل ليلة يقومون بجلب رفاق السوء إلى المنزل من أجل إخافة السيدة (هناء)، التي وجدت مقر الشرطة آخر ملجأ لها حتى يكف جيرانها بلاهم عنها، وبعد أخذ ورد في مركز الشرطة وتدخل بعض العقلاء في الحي وقعت الجارة المسيئة رفقة أبنائها تعهدا شرفيا لدى مصالح الشرطة بعدم التعرض لسيدة هناء رفقة ابنتها مرة أخرى. هذا ودون أن ننسى القضايا الشائكة التي تغزو المحاكم محورها الرئيسي الصراعات المندلعة بين الجيران والتي تصل إلى حد الضرب والجرح العمدي وحتى القتل لأسباب تافهة، وللأسف كل تلك الإفرازات تعود إلى انعدام الرحمة لدى البعض وغياب معاني الاحترام والتقدير المتبادلين مما أوصل بعض الجيران إلى متاهات وصراعات تنتهي سيناريوهاتها بأروقة المحاكم.