بقلم: مصطفى يوسف اللداوي / الإسرائيليون متطرفون جداً تجاه الفلسطينيين جميعاً دون تمييزٍ بينهم، أو تفضيلٍ لبعضهم، فهم جميعاً في العرف العسكري الإسرائيلي والمفهوم الديني اليهودي سواء، لا فرق بينهم، ولا عدل عندهم، ولا إنصاف في حكمهم، فهم لا يحبون الفلسطينيين أبداً، ولا العرب على وجه العموم، ولا يتمنون لهم الخير، ولا يسعدهم رخاؤهم، ولا يرضيهم هناؤهم، ولا تسرهم سعادتهم، ولا يقدمون لهم يد العون أو المساعدة، ولا ينشلونهم من ضائقة، ولا يقيلون لهم عثرة، ولا ينقذونهم من أي نازلة، ولا يقبلون بهم شريكاً ولا جاراً، ولا صديقاً ولا قريباً، ولا يسمحون لأحدٍ أن يعينهم أو ينصرهم، أو أن يقف إلى جانبهم ويساندهم، إذ لا يرون أنهم أهلٌ للمساعدة، بل إنهم لا يستحقون الحياة، والموت بالنسبة لهم هو الحل الأمثل، لاعتقادهم القديم أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت فقط. الإسرائيليون يكرهون العرب ولو كانوا مواطنين مثلهم، ويحملون جنسية كيانهم، ويتمتعون بالحرية كغيرهم، إلا أنهم يكرهونهم ويحقدون عليهم، ويشوهون صورتهم ويفرقون بينهم، ويزدادون مع الأيام تطرفاً وتشدداً وعنصرية، ولهم كرهاً وعليهم حقداً، حتى باتت العروبة عندهم سبةً بذيئة وشتيمة شنيعة، ولعنةً كبيرة، فهم إذا أرادوا أن يحقروا أحداً أو أن يشتموا آخر، فإنهم يصفونه بازدراءٍ أنه عربي، ويبكي أطفالهم حزناً ويعودون إلى أمهاتهم متألمين، إذا سبهم أو شتمهم غيرهم، ونعتهم بأنهم عرب. لعلها ثقافةٌ يهودية عميقة، وتقليدٌ لديهم متوارث، زرعه الأجداد، وتوارثه الآباء، ولكن الأصل في هذا الحقد زرعه حاخاماتهم ورجال دينهم، الذين أرادوا تأكيد ادعائهم بأنهم شعب الله المختار، وخيرة عباده على الأرض، وأنه سبحانه الذي استخلفهم فيها، واستعملهم في استعمارها، وقدر لهم أن يكون سكانُ الأرض جميعاً لهم خدماً وعبيداً، وحميراً ودواباً للحمل والجر والأعمال الشاقة. قديماً قال عوفاديا يوسف وهو أحد أكبر حاخامات اليهود، دون أن يعترض عليه أحدٌ، أو يتهمه آخر بأنه عنصريٌ أو متطرف، أن العرب والفلسطينيين شرٌ مطلق، وأنهم يضرون ولا ينفعون، بل هم كالأفاعي السامة، يقتلون ويغدرون، ويؤذون ولا ينفعون، وأنه ينبغي على اليهود وضع الفلسطينيين في زجاجةٍ مغلقة، ليمنعوا شرهم، ويصدوا خطرهم، ثم ليموتوا خنقاً فيها. لم يكن عوفاديا يوسف هو أول وآخر الحاخامات اليهود الذين يفتون بقتل الفلسطينيين وتعذيبهم، إذ لا يوجد حاخامٌ يهوديٌ واحد يحترم الفلسطينيين والعرب، ويقدرهم ويعترف بإنسانيتهم، ويقبل بهم شركاء له على الأرض وفي الحياة، ولهذا فإنهم يكونون دوماً ضمن عديد الجيش الإسرائيلي، ومكونٌ أساسٌ فيه، يشاركون في التدريب النفسي والتعبوية المعنوية، ويساهمون في نشر التعاليم الدينية والمفاهيم التوراثية، وفيها يؤكدون أن دم غير اليهود رخيصٌ وبسيط، وأنه من الممكن سفحه، بل إن من الواجب سفكه ليعيش اليهود، ويأمنوا على حياتهم ومستقبلهم، فقتل غير اليهود لضمان مستقبلهم ليس تضحيةً بهم، بل إنه قربانٌ واجب ليحميهم الرب ويحفظهم، يثيبهم على فعلتهم، ويخطئون في حقه إن هم قصروا في القتل، جبناً أو رحمةً وشفقة، أو تقصيراً وعجزاً وإهمالاً. تلك هي فتاويهم وتعاليمهم، لا ندعي عليهم، ولا نقول ما ليس فيهم، ولا نلصق بهم ما ليس منهم، وهي فتاوى تطال الحجر والشجر والبشر، ولا تقتصر على الإنسان العربي والفلسطيني، بل إنها تمتد بالخراب والدمار إلى كل ما يتعلق بالعرب ويدل عليهم، أو يشير إلى حاضرهم ويؤكد مليكتهم، ويبشر بمستقبلهم. فقد أفتى الحاخام الإسرائيلي نسيم مؤويل، وهو أحد أهم المرجعيات الشرقية اليهودية، بوجوب اقتلاع أشجار الفلسطينيين، وجواز تسميم آبارهم، ولذلك يمعن المستوطنون في خلع أشجار الزيتون، وإتلاف المحاصيل وحرقها، إيماناً منهم أنهم يعملون الخير، وينفذون وصية الرب، التي يقول بها حاخاماتهم ورجال دينهم، وفي كثيرٍ من الأحيان يطلقون خنازيرهم البرية خاصةً في مناطق الأغوار الأردنية، لتعيث فساداً في الحقول والبساتين، وتخرب كل شيء تدوس عليه أو تمر فيه. * اقتلوهم ! لا تتوقف فتاوى الحاخامات العنصرية اليهودية التي تظهر من وقت لآخر، والتي تتشابه مع القوانين العسكرية وأحكام القضاء العسكري القاسية والمتطرفة، فيدعون في فتاويهم إلى وجوب قتل الفلسطينيين وسحقهم، والتضييق عليهم وحبس حريتهم، تماماً كفتوى تحريم قيادة الفلسطينيين للمركبات على أنواعها، لأنها أصبحت مصدر خطر وأداة قتل، يستخدمها الفلسطينيون في قتل الإسرائيليين والاعتداء عليهم، ولهذا فقد جوَّز حاخاماتهم بعد دعوتهم إلى منع الفلسطينيين من قيادة المركبات على اختلافها، حرق السيارات الفلسطينية وتخريبها، وإلحاق الضرر بها، وتمزيق أو تنفيس دواليبها، لمنعها من الحركة. كما دعا الحاخام شلومو ريتسكين، وهو مدير المعهد العسكري الديني في مستوطنة كرنيه شمرون بمحافظة قلقيلية شمال غربي الضفة الغربيةالمحتلة، طلابه من جنود الجيش وعناصره في كل المستويات العسكرية، إلى نهب محاصيل الزيتون من الفلسطينيين، وحرق أشجارهم، وجواز تسميم آبار مياههم، ومنعهم من الاستفادة من الآبار اليهودية، تماماً كما كان يفعل أجدادهم قبل مئات السنوات، عندما كانوا يحرمون جيرانهم العرب من الاستفادة من آبارهم إن استطاعوا، فإن لم يتمكنوا، فإنهم كانوا يقومون بردمها أو تسميمها، لمنع غيرهم من الورود عليها. كما أفتى الحاخام (دوف ليئور) أحد زعماء الصهيونية الدينية في إسرائيل، وحاخام مستوطنة (كريات أربع) بمدينة الخليل جنوبالضفة الغربية، والمرجعية الدينية لحزب (البيت اليهودي) اليميني المتطرف ثالث أكبر حزب في الائتلاف الحاكم بوجوب (تدمير غزة عن بكرة أبيها لتحقيق سلام إسرائيل). أولئك هم الإسرائيليون، عسكريون ومستوطنون، ومتدينون وعلمانيون، ويساريون ويمينيون، لا يؤمنون بالعرب، ولا يعتقدون بالحق الفلسطيني، ولا يقبلون به، ولا ينزلون عنده وهو الحق الأبلج، ما يجعل من السفه وقلة العقل الإيمان بهم، والتسليم لهم، والجلوس معهم، والتفاوض وإياهم، لأنهم بكل بساطة لا يفاوضون العرب أو الفلسطينيين إلا ليأخذوا منهم أكثر، ويستولوا على ما بقي بين أيديهم، إنها الجبلة اليهودية الأولى، والفطرة الأصيلة التي نشأوا عليها وتربوا، أنهم الأفضل والأكرم، وأن غيرهم هم الأدنى والأحقر، والأشد دونية والأجدر بالخدمة والعبودية.