ناقشت محكمة جنايات العاصمة أمس ملف التزوير في محرّرات رسمية والتصريح الكاذب والنصب والاحتيال التي طالت الشركة الوطنية للدرّاجات والدرّاجات النّارية على يد تاجر من الأغواط الذي استولى على 1900 درّاجة نارية قيمة الواحدة منها 60 مليون سنتيم مقابل إبرام عقد ضمان عبارة عن قطعة أرضية بمساحة 84 هكتارا تبيّن بعد التحقيق أنها ليست للتاجر، بل ملك للدولة، ماجعل الموثّق والمحافظ العقاري اللذين حرّرا له عقد الهبة محلّ متابعة ومهدّدين ب 10 سنوات سجنا نافذا. القضية انطلقت سنة 2001، عندما تقدّم التاجر إلى المؤسسة الوطنية للدرّاجات والدرّاجات النّارية لكي يبرم عقدا اتّفاقيا مفاده اقتناء 1900 درّاجة من الصنفين النّاري والعادي مقابل أن يسلّم له 30 بالمائة من المبلغ الإجمالي مسبقا والمقدّر بأكثر من 11 مليارا و400 مليون سنتيم، فيما سيتمّ دفع باقي المبلغ على أقساط محدّدة المدّة ب 6 أشهر، وبالمقابل قدّم التاجر ضمانا لإجراء المعاملة تمثّل في قطعة أرض مساحتها 84 هكتارا تقع في منطقة حاسي بحبح الواقعة بإقليم ولاية الجلفة. المعاملة التجارية بين التاجر والشركة الوطنية للدرّاجات والدرّاجات النّارية تمّت بطريقة عادية، حيث تمّ تحرير العقد عند الموثّق، فيما استلم التاجر الدرّاجات. إلاّ أنه وبعد مرور مدّة التسديد المتّفق عليها من طرف التاجر والمؤسّسة لم يلتزم التاجر بشروط العقد وامتنع عن تسديد باقي قيمة الدرّاجات التي قدّرت ب 675 مليون سنتيم، وهو الأمر الذي جعل المؤسّسة تطالب التاجر بدفع المبلغ المتبقّي عن طريق إشعارات، إلاّ أنه لم يلتزم لتقوم برفع دعوى بالفرع التجاري بمحكمة (سيدي امحمد) ضده ولتعيّن هذه الأخيرة خبيرا ماليا ومباشرة الخبرات التي تتطلّبها تلك الدعوى إجرائيا. المؤسسة الوطنية للدرّاجات والدرّاجات النّارية من جهتها أرادت تسديد المبلغ بعد أن اختفى التاجر ولم يظهر له أيّ أثر من خلال تسديد المبالغ المستحقّة من ثمن قطعة الأرض التي قام برهنها التاجر إن لم يقم بالتسديد، لتتنقّل المؤسسة إلى مكان تواجد العقار فيتّضح لها أن الأرض ليست ملكا له، وأنها تابعة للمال العام رغم أنه قدّم ملفا في العقد الذي يثبت أن العقار تابع له، وهو الأمر الذي أكّده الخبير، حيث أصدر في تقرير خبرته أن الوثائق التي تضمّنها الملف مزوّرة، خاصّة البطاقة السلبية التي استخرجها التاجر من المحافظة العقارية، والتي تبيّن أن العقار ملك للتاجر بناء على عقد هِبة، وأنه الوحيد الذي يملكها إلاّ أن الواقع عكس ذلك تماما، حيث أن الأرض لم تكن ملكا لأحد، بل كانت للملك العام باعتبارها من أملاك الدولة. الموثّق وانطلاقا من تلك البطاقة حرّر العقد التوثيقي لرهن القطعة الأرضية التي قام التاجر برهنها للمؤسّسة الوطنية الدرّاجات والدرّاجات النّارية وهو الذي اتّضح فيما بعد بأنه عقد مزوّر كون أن البطاقة السلبية للأرض كانت مزوّرة، لأن الأرض لم تكن ملكا للتاجر الذي تبيّن أنه مسبوق في قضايا النصب والاحتيال، وأن المؤسّسة وقعت ضحية بتواطؤ كلّ من (س. لخضر) الموثّق و(ب. عبد القادر) المحافظ العقاري اللذين سهّلا عليه الأمر وساعداه في تقديم ملف بوثائق إدارية مزوّرة. المتّهمان أنكرا التهمة المنسوبة إليهما وصرّحا بأنهما لم يجدا أيّ دليل يوحي بأن الأرض لم تكن ملكا للتاجر، وأنهما اِلتزما فقط بحدود ما تمليه عليهما وظيفتهما.