تخلت الجزائر أخيرا عن تحفظها واتخذت مبدأ (المعاملة بالمثل) كسياسة جديدة مع الجيران، على غرار تونس، مصر وليبيا، حيث فرضت لأول مرة قيودا مالية على (التوانسة) الذين يقصدون أسواقنا كرد على رفع سلطات تونس ضريبة جديدة على الجزائريين، فيما عاتب الوزير الأول عبد المالك سلال القاهرة وطالبها بتسهيل إجراءات دخول السياح الجزائريين إلى أراضيها. فرضت الجزائر لأول مرة قيودا مالية على المواطنين التونسيين الذين يقصدون أسواقها للتبضع واقتناء مختلف السلع باستثمار فارق العملة والأسعار في الأسواق الجزائرية مقارنة بنظيرتها التونسية نتيجة التوفر الكبير للسلع الصينية والأجنبية في الجزائر. وتتمثل هذه القيود والشروط -حسب تعليمة أصدرتها المديرية العامة للجمارك الجزائرية قبل أيام وتم وضع نسخة منها في البوابات الحدودية البرية التي تفصل بين البلدين- في ضرورة إلزام التونسيين بإدخال العملة الصعبة إلى الجزائر واستظهار وثيقة تثبت صرفها بالعملة الجزائرية في البنوك الجزائرية بما يتلاءم وقيمة السلعة التي يقتنيها المواطن التونسي ومنعه من إغراق السوق الجزائرية بالعملة التونسية، وشددت التعليمة على ضرورة متابعة تنفيذها من طرف فرق المراقبة في المعابر الحدودية من الجانب الجزائري. وتهدف التعليمة -حسب متابعين- إلى محاربة الأسواق الفوضوية والموازية للعملة التي تساهم في التأثير سلبا على العملة الوطنية وضمان تحقيق مداخيل بالعملة الصعبة للبنوك، بالنظر للتوافد الكبير للمواطنين التونسيين، خاصة من سكان المناطق الحدودية على الأسواق الجزائرية. وتعرف أسواق الجزائر، خاصة تلك الواقعة بالولايات الحدودية كالوادي وتبسة وسوق أهراس وعنابة والطارف توافد العشرات يوميا من المواطنين التونسيين لاقتناء سلع ومستلزمات أسرية مختلفة ومعدات وتجهيزات إلكترونية. وقد أبدى عدد من التونسيين -حسب ما نقلته صحيفة (الشروق) التونسية أمس- امتعاضهم وأسفهم من هذه التعليمة التي تفرض عليهم قيودا تجعلهم يحدون من تنقلهم إلى الأسواق الجزائرية بالنظر إلى شرط العملة الصعبة بالأورو الذي تفرضه الجزائر عليهم، خاصة وأن الكثيرين منهم من عامة الناس الذين استغلوا قرب المسافة لممارسة أنشطة تجارية بسيطة باستثمار فارق العملة بين البلدين خلال هذه الفترة. بالمقابل، ومع مصادقة البرلمان التونسي على إلغاء ضريبة المغادرة التي فرضها قانون المالية التكميلي الجديد في تونس وإعفاء مواطني المغرب العربي منها، وهي القضية التي أسالت حبرا كثيرا في تونسوالجزائر وشكلت مصدر احتجاجات عنيفة أحيانا مازال الجزائريون إلى غاية أول أمس مجبرين على دفع الدمغة المقدرة ب 30 دينارا تونسيا على المركبات بعد أن كانت في حدود 3 دنانير فقط، وهو ما يعادل 2100 دينار جزائري. وينتظر الجزائريون التطبيق العملي لقرار السلطات التونسية المتعلق بإلغاء الضريبة، محل الإشكال، خاصة وأن المئات من الجزائريين يعبرون إلى تونس يوميا بغرض الاستشفاء في المصحات التونسية أو السياحة أو اتخاذ مطاراتها منطلقا للتوجه نحو بيت اللّه الحرام لأداء مناسك العمر. وتعبيرا عن السياسة الجديدة التي يبدو أن الجزائر ستمضي عليها مستقبلا مع الجيران عاتب الوزير الأول عبد المالك سلال أمس نظيره المصري إبراهيم محلب مطالبا بتسهيل إجراءات دخول الجزائريين الراغبين في السياحة في مصر، مشيرا إلى أن هناك نحو 1.5 مليون سائح جزائري يحضرون إلى مصر سنويا، وأنهم يحبون مصر وأهلها. وفي لقاء جمعهما أمس على هامش جلسات مؤتمر مصر الاقتصادي الذي يعقد في مدينة شرم الشيخ، تعهد رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب ببحث هذا الأمر والاستجابة له وتيسير هذه الإجراءات في القريب العاجل. من جانب آخر، طبقت الحكومة الليبية التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا لها، قرار رفع قيود تأشيرة الدخول إلى الأراضي الليبية على الرعايا الجزائريين، وكانت طرابلس قد فرصت التأشيرة على الرعايا الجزائريين في عام 2011 بسبب تدهور الوضع الأمني جراء الثورة على نظام الراحل معمر القذافي، لتكون بذلك ثاني بلد مغاربي بعد المملكة المغربية يتراجع عن قرار الاتحاد المغاربي الذي أقر حرية التنقل لمواطني الدول المغاربية الخمس منذ إنشائه في عام 1989.