* حرزلي: المسؤولية الكاملة تقع على المستوردين ورد في عدد سبتمبر الماضي لمجلة (ناشيونال جيوغرافيك)، أن الجزائر تتماثل في نظام غذاء سكانها مع الكثير من الدول الأوروبية، وهو ما يعني أن ما يأكله الجزائريون يتشابه مع ما يأكله الأوروبيون، من حيث المكونات وهو معروف عند العام والخاص أن مكونات الطعام الأوروبي لا تخلو من سيقان وجلود الخنازير التي يحرم تناولها في الشريعة الإسلامية، وتداركا لهذه الوضعية طلبت كل من وزارة التجارة والفلاحة وبناء على جملة من المواد القانونية، من كل المستوردين وضع قصاصة (حلال) على المواد الغذائية التي يستوردونها إلا أن المطلب لم يتحقق، فأدخل المواطن في دوامة كبيرة حول جواز الأطعمة الغذائية المستوردة من عدمها. عتيقة مغوفل وردت خلال السنوات الماضية بعض القرارات الوزارية من طرف كل من وزارتي التجارة والفلاحة التي تقضي بتنظيم عمليات استيراد المواد الغذائية الحلال، وقد جاء ذلك من خلال القرار رقم 12 _ 214 المؤرخ في 15 ماي 2012 الذي يلزم البائع بوضع قصاصة (حلال) على المنتوج إلا أن ذلك لم يطبق على أرض الواقع، كما أن قانون 13-378 لم يدخل حيز التنفيذ أيضا وإن وجدت قائمة المكونات على المواد الغذائية فإنها تكتب بخط رقيق جدا يصعب قراءته بالعين المجردة، أو أن تأتي قائمة المكونات في نهاية التعليب ما يجعل المواطن يعزف عن قراءتها، وما زاد الطينة بلة أن المستوردين لهذه الأغذية لا يضعون عبارة حلال وهو مخالف تماما للقرارات الوزارية، هذا من جهة، من جهة أخرى فإنه لم يتم تحديد المخابر الوطنية المعنية بمراقبة الأغذية المستوردة ما يجعل المواطن الجزائري عرضة لتناول أطعمة محرمة عليه شرعا وهو الأمر الذي أحدث جدلا بين الكثير من الأطراف الاجتماعية بما فيهم المواطنون باعتبارهم الضحية الأولى.
مواطنون لا يهمهم ما يأكلون حتى نتمكن من إنجاز موضوعنا قامت (أخبار اليوم) بزيارة بعض محلات بيع المواد الغذائية بالعاصمة، وكالعادة وجدناها تعج بالمواطنين فأكثر الأمكنة التي تعرف إقبال الناس في بلادنا محلات الأكل السريع وبيع المواد الغذائية، كانت البداية من أحد السوبيرات الموجودة بشارع (طنجة) بقلب العاصمة، حين دخلناها شد انتباهنا للوهلة الأولى إقبال بعض الزبائن الذين كانوا متواجدين بالمحل على اقتناء الأطعمة المعلبة التي غزت الأسواق الجزائرية في السنوات الأخيرة وأصبح المواطنون يشترونها بكثرة، إلا أن هؤلاء الناس لم يعيروا اهتماما لقراءة مكونات تلك الأطعمة بل أنهم كانوا يكتفون فقط بوضعها داخل الأكياس ودفع ثمنها ثم مغادرة المحل، وهو الأمر الذي دفعنا للتقرب من السيد نور الدين الذي اقتنى العديد من المواد الغذائية من أجل سؤاله عن عزوفه عن قراءة مكونات الأطعمة التي اشتراها، فرد علينا هذا الأخير أنه لم يقم يوما بقراءة مكونات المعلبات التي يشتريها لعائلته، مع أنه يشكك كثيرا في أن البعض منها قد تكون تحتوي بعض المواد المحرمة شرعا كجلود الخنازير وغيرها، إجابة السيد نور الدين جعلتنا نسأله بما أنه يعلم أن هناك بعض المواد التي قد تكون تحتوي بعض المواد المحرمة فلماذا لا يقرأ المكونات، إلا أنه رد علينا أن هذه ثقافة غائبة عن المجتمع الجزائري وعادة تكاد تكون منعدمة في الأوساط الاجتماعية الجزائرية إلا عند بعض الناس الذين يعيشون في طبقات بورجوازية هم من يهتمون بمكونات غذائهم أما بقية الجزائريين فلا يهمهم الأمر على الإطلاق. خرجنا من السوبيرات المتواجدة بشارع طنجة وبداخلنا تساؤلات كثيرة تطرح، وبينما كنا نسير في نفس الشارع مررنا من أمام قصابة لبيع اللحوم المجمدة كان فيه عدد لا يستهان به من الزبائن الهاربين من القصابات التي تبيع اللحم الطازج وذلك نظرا لغلاء الأسعار الفاحش، وبعد خلو المحل من الزبائن سألنا صاحبه عن نوعية اللحوم التي يبيعها فرد علينا هذا الأخير أنه يبيع لحوما مجمدة يؤتى بها من الهند ثم تترك لمدة من الزمن حتى تذوب ومن ثمة تباع للمواطنين، عدنا وسألناه مرة أخرى وهل هي حلال، فأجابنا البائع وهو يضحك طبعا أنها حلال فهي مذبوحة كما تنص عليه الشريعة الإسلامية، فطرحنا عليه إشكالا آخر وما يضمن أنها حلال؟ فرد علينا أن المستورد الذي يأتي بها يضمن أنها حلال وإن كان يكذب فهو مسؤول أمام الله والناس يوم القيامة. قصاصة حلال غائبة عن المواد الغذائية المستوردة لكن ما شد انتباهنا داخل قصابة اللحوم المجمدة غياب أي قصاصة أو عبارة تدل على أن اللحوم التي تباع في المحل حلال مع أن القانون جاء صريحا في هذا الباب، فلا بد أن تكون كل المواد الغذائية المستوردة من الخارج تحمل عبارة حلال حتى لا تشوبها أية شبهة، بعد أن خرجنا من القصابة عدنا مرة أخرى إلى السوبيرات التي سبق وأن دخلنا إليها حتى نفتش عن عبارة حلال في الأطعمة المعلبة التي كانت تباع في المحل، ولكننا لم نجد أي أثر لها لا على الأجبان ولا الحليب المعلب أو أية مواد أخرى، ما دفعنا لسؤال صاحب المحل عن سبب غياب قصاصة حلال على المواد الغذائية التي تباع عنده فرد علينا هذا الأخير أن جميعها حلال وهو أمر تكفله الدولة التي تقوم بالسماح لهذه المواد أن توزع في الأسواق الجزائرية.
حرزلي: المستورد هو المسؤول الأول كل ما سمعناه وشاهدناه أثار فضولنا وطرح لدينا العديد من التساؤلات هل أطعمة الجزائريين حلال؟ أم منها ماهو مشكوك فيه؟ وللإجابة عن كل هذا ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالسيد (حرزلي محفوظ) رئيس الاتحاد الوطني لحماية المستهلك، والذي صرح لنا بدوره أنه لا بد أن تكون شهادة (حلال) أو القصاصة موجودة على وجه أغلفة كل المواد الغذائية المستوردة مهما كان نوعها سواء كانت لحوما مجمدة أو غيرها من المواد المعلبة الآتية من الخارج، فلحوم الأغنام والأبقار مثلا وجب أن يثبت أنها مذبوحة كما يقتضي الشرع ولا تكون الأغنام مصروعة مثلا، كما أنه يجب أن يتفادى المواطنون اقتناء بعض المواد المشكوك في أمرها على غرار (الجيلاتين) التي تستعمل في صناعة الحلويات والتي عادة ما تكون مستخرجة من جلد الخنزير، كما أردف السيد (حرزلي) أنه لا بد أن تكون شهادة (حلال) متوفرة على جميع المواد في كل المحلات دون استثناء، وفي سؤال آخر عن من هو المسؤول عن مراقبة المواد الغذائية المستوردة وعن حلالها من حرامها أجابنا السيد حرزلي أن المستورد هو المسؤول الأول عن سلامة المواد الغذائية، ثم في المرتبة الثانية المخبر الوطني لمراقبة المواد الغذائية الذي يعطي التقرير الأخير عن مدى سلامتها، وختم السيد حرزلي تصريحه أن الضمير المستورد هو المسؤول الأول والأخير عن ضمان شرط الحلال في مختلف المواد الغذائية التي تتواجد يوميا على طاولات الجزائريين.