نعم الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى، أنعم بها على جميع خلقه المؤمن منهم والكافر، ولكنه سبحانه وعد عباده المؤمنين الشاكرين أن يزيدهم من نعمة وفضله، فقال سبحانه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}. وجاء وعد الله عز وجل لعباده الشاكرين ليبين لهم أن شكر الله على نعمه سببًا لمزيد من الفضل، والشكر يكون بالاجتهاد في بذل الطاعة مع الاجتناب للمعصية في السر والعلانية، وأن تستخدم نعمه في طاعته ونفع الناس وعمارة الأرض، لا الإفساد فيها. فما من نعمة جاءت للخلق من أهل السماوات والأرض إلا من الله -سبحانه-: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}، وهي تستوجب أن نتحدث بالشكر عنها: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}. يروى عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أنه قال: - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل، والتحدث بنعمة الله عز وجل شكر وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب). وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: (تذكروا النعم فإن ذكرها شكر)، وروي عن النبي -عليه الصلاة والسلام وعلى آله أنه قام حتى تورمت قدماه، فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا بنفسك، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال: (أفلا أكون عبداً شكوراً). كما أن شكر نعم الله يصرف العذاب، قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، أي ما يصنع بعذابكم إن شكرتم نعمته، وآمنتم به وبرسوله، وكان الله شاكرًا للقليل على أعمالكم، عليمًا بنياتكم. وقد أرشدنا النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله إلى شكر الله سبحانه وتعالى، وذلك في وصيته للصحابي الجليل معاذ ابن جبل، عندما أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). وجاء التوجيه النبوي الشريف لمعاذ بن جبل مسبوقًا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله إني لأحبك)، ولعلم الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بجزاء من يشكر نعم الله، بأن الله سيزيد الشاكرين من الفضل والنعم، وقوله تعالى: {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.