يتكلَّف كثيرٌ من المسلمين -سواء من أئمة المساجد أو عموم الناس- في دعائهم، فيتعمَّدون البحث عن غريب الكلمات، أو عن السجع المبالغ فيه، أو عن التفاصيل الزائدة عن الحاجة؛ مما يصرف ذهن السامع للدعاء عن المراد، وهذا سلوك مخالف للسُّنَّة؛ حيث جاءت الأدعية النبوية مباشِرة وسلسة دون مبالغات أو تكلُّف، وقد روى أبو داود -وقال الألباني: حسن صحيح- عَنِ ابْنٍ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعَنِي أَبِي، وَأَنَا أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا، وَبَهْجَتَهَا، وَكَذَا، وَكَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَسَلَاسِلِهَا، وَأَغْلَالِهَا، وَكَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: (سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ، إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنَ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا، وَمَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ). لهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بالكلمات السهلة، والمعلومات البسيطة، التي يستطيع معظم المسلمين حفظها، وقد روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ). وأفضل الدعاء أن تدعو بما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أدرى الناس بما يحبه الله عز وجل من مناجاة، وقد روى مسلم أن قَتَادَةُ سَأَلَ أَنَسًا رضي الله عنه أَيُّ دَعْوَةٍ كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ، قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا يَقُولُ: (اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ رضي الله عنه إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ. فلنحرص على هذه البساطة في الدعاء، ولا نتكلَّف أو نعتدي فيه، وهذه هي السُّنَّة المباركة.