الأنبياء والمرسلين هم خيرة خلق الله سبحانه وتعالى، اصطفاهم من الخلق أجمعين ليكونوا مبلغين عن ربهم، لذا فقد كانوا أفضل الناس إيمانًا وأخلاقًا وعملًا، وصفاتًا. ومن بين تلك الصفات التي لازمت أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم أجميعن صفة الشكر لله، وآيات القرآن الكريم مليئة بهذا الوصف الذي وصف الله به رسله وأنبياءه الكرام، فها هو أبو البشر نبي الله آدم عليه السلام، وأمنا حواء عليها السلام قال الله في حقهما:{ لَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}..[الأعراف: 189]. ومدح الله سبحانه وتعالى أبو الأنبياء وخليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فقال في سورة النحل: {شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. ووصف الله عز وجل نبيه نوحًا عليه السلام فقال في سورة الإسراء: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا). ويروى أن نبي الله داود عليه السلام وعلى نبينا الصلاة والسلان قال: يا رب، كيف أشكرك؟ وشكري لك نعمة عليَّ من عندك تستوجب بها شكرًا، فقال: الآن شكرتني يا داود. وكذلك نبي الله سليمان عليه السلام لما كثرت عليه نعم الله، وتعددت آلاؤه، ابتهل إلى ربه قائلا: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}..[النمل: 19]. وقال الله تعالى عن سيدنا سليمان عليه السلام: {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ، وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}..[النمل: 40]. وكان من دعاء نبي الله سليمان عليه السلام المذكور في القرآن الكريم أنه كان يقول: {رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى والِدَىَّ}..[الأحقاف: 15]. وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه ورسوله سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بالشكر فقال تعالى: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}..[الأعراف:144]. وكان سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيد الشاكرين، فكان صلوات الله وسلامه عليه يقوم الليل حتى تورمت قدماه من طول الصلاة والقيام، ولما سئل: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟!، فيرد النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله قائلا: (أفلا أكون عبدًا شَكُورًا؟!). وذلك لعلمه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله لفضل شكر الله سبحانه وتعالى والاعتراف بفضله وكرمه علينا، لندخل في وعد الله عز وجل:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}، ولندخل في زمرة من قال فيهم:{وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.