لقد دخلت التكنولوجيا الحديثة كل بيت، وصار المواطنون يستعملونها في كلّ شأن من شؤون حياتهم، ومن ذلك أنّ بعض الأطفال، او أوليائهم استبدلوا الدروس الخصوصية والتي صارت أكثر من ضرورية، بالدروس التي تنشر على الانترنيت. اجل، لقد تحولت الدروس الخصوصية إلى أكثر من ضرورة لأطفالنا حتى يستدركوا ما يتلقونه من دروس في المدارس، ولهذا فيسارع الأولياء عادة إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخصوصية او الاتفاق مع هذا المعلم او ذاك على أن يقدم دروسا خصوصية لأبنائه، وفي كل الأحوال فان الاستدراكات صارت قاعدة عامة، ولا تجد وليا ينتبه إلى دراسة ابنه ألا ويعمل على دفعه إلى طلب العمل، والذي لا يقتصر على المدرسة فحسب، بل التوجه إلى تلك الدروس الخصوصية. ولكن البعض من الأولياء، وللتكلفة التي تتطلبها تلك الدروس الخصوصية، يفضلون أن يتابع أبناؤهم بعض الدروس على الانترنيت، والتي تكون كثير منها مجانية، او عبر اشتراك بسيط، وطبعا يكون ذلك بمرافقة الأولياء والذين يوجهونهم، وقد لا يفعلون، ويتركون أبناءهم في مواجهة تلك الدروس، والتي مثلما يمكن أن تكون مفيدة، فإنها يمكن كذلك أن تتحول إلى نقمة على التلاميذ عند إساءة استعمالها، أو الدخول إلى مواقع لا تمد معلومات صحيحة، وما أكثرها، إذ يصنعها هواة ومواطنون عاديون، وينشرون بكل سهولة على الانترنيت، ما يحلو لهم من معلومات ودروس جاهزة، ولكنها قد لا توافق ما يتلقاه التلميذ في المدرسة، خاصة إن كانت تلك الدروس من صنع طلاب من بلاد ثانية، يختلف فيها منهج التعليم عن ذلك المُطبق في بلادنا، فيخلط الأمر على التلميذ، ولا يدري ما يأخذ وما يترك، خاصة في غياب مرشد يدله، وقد يأخذ منها ما لا ينفعه ويترك ما ينفعه. تقول لنا سها، وهي مدرِّسة في الابتدائي أنّ هذه الطريقة في التعلم قد تكون خطيرة، وان البحث على الانترنيت، لا بدّ أن يقتصر على الطلاب في الجامعات، او ربما في الثانويات، والذين يكونون قادرين على التفريق بين المعلومات الصحيحة من تلك الخاطئة، أما الأطفال الصغار فلا يمكن أن يبحثوا بمنتهى الحرية، ولا بد أن يقيدهم الأولياء او الأساتذة بمنهج معين، حتى لا تختلط عليهم الأمور. وتصرِّح لنا نادية، وهي أم لطفلين أنها حسبت وهي تحضر حاسوب وتمده بخدمة الانترنيت انه سيساعد أبناءها على المطالعة والتحصل العلمي، ولكن ما حدث هو العكس، فقد أخبرتنا أنها اكتشفت أن أبناءها انخفضت معدلاتهم والنقاط التي يحصلون عليها، فقد كانوا ينتهجون بعض الأساليب، وخاصة في العلوم الدقيقة مثل الرياضيات لحل المعادلات، ولكنها كانت خاطئة، او لم تكن تتوافق مع ما يعطيه لهم المدرس في القسم، أي أنهم كانوا يغردون خارج السرب، وهو ما جعلها تمنع أبناءها عن الاطلاع على المعلومات على الحاسوب دون رقابة او توجيه.