في الوقت الذي تسبب فيه الهجمات المتوالية على قافلات حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي تحمل إمدادات لقواته في أفغانستان "صداعا" كبيرا في رأس كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية والحكومة الباكستانية، فإنها في الوقت نفسه تمثل "نعمة" ومصدر بهجة وسعادة للكثير من الفقراء في باكستان. ويقول فاتح محمد حاسني زعيم قبيلة في مقاطعة تشاغي النائية بإقليم بلوشستان الجنوبي لمراسل "أون إسلام": "نجد العديد من المواد المتنوعة في هذه الحاويات المتفحمة من الخارج، بما في ذلك البنزين وزيت الديزل، ونبيعهما بعد ذلك في أسواق البضائع القديمة، أو لمحطات الوقود الصغيرة". وأصبحت قوافل الناتو هدفا لهجمات متزايدة من جانب قوات حركة طالبان عند عبورها من خلال الحزام القبلي في باكستان إلى أفغانستان المجاورة . وعقب كل هجوم يتجمع رجال القبائل لجمع بقايا إمدادات المواد الغذائية، والمنتجات النفطية، والأجهزة العسكرية؛ من اجل بيعها في السوق السوداء. ويقول حاسني: "تقريبا نخاطر بحياتنا لجمع هذه المواد من الحاويات المتفحمة". وفقد بالفعل عشرات الأشخاص حياتهم العام الماضي في أثناء جمعهم لبقايا المواد التي تحملها هذه الحاويات المتفحمة التي يقوم بحرقها غالبا عناصر من حركة طالبان. ويشير حاسني إلى إن الخطر يتزايد في حال شحن الحاويات بالمنتجات النفطية لأن الحاويات في هذه الحالة من الممكن أن تنفجر في أي وقت. وفي يوم الجمعة 22-10-2010، أضرم مسلحون النار في شاحنتين للناتو جنوبيباكستان، أحداهما هوجمت في بلدة بالقرب من مدينة كويتا عاصمة إقليم بلوشستان، وأدت إلى مقتل السائق وإصابة طفل يبلغ من العمر 12 عاما. ويصطف السكان المحليون عند وقوع مثل هذه الهجمات لكي يأخذوا إمدادات الناتو من الشاحنات ومن ثم بيعها في الأسواق السوداء، مستغلين أن فرق الإنقاذ تأخذ وقتا طويلا لكي تصل إلى منطقة وقوع الحادث نظرا لبعد المسافة. وتفيض الأسواق السوداء في باكستان حاليا بمختلف البضائع التي تحمل علامة "صنع في أمريكا"، فالعديد من الأسلحة والأجهزة العسكرية الأمريكية الصنع، أصبحت متاحة ومتوفرة في سوق "دارا ادامخيل" 50 كم من جنوب بيشاور، والذي يعرف في باكستان باسم "سوق الأسلحة". ويعتبر البنزين وزيت الديزل اللذان يتم أخذهما من حاويات الناتو من أهم البضائع المطلوبة في الأسواق السوداء فسعر لتر البنزين أو زيت الديزل متوفر بسعر 68 أو 70 روبية باكستانية (0.9) دولار في الأسواق العادية، في حين يباع في الأسواق السوداء بحوالي 35 أو 40 روبية. ويقول خان محمد صاحب محطة صغيرة للوقود بمدينة كويتا "إن تزايد نسبة الفقر والتضخم أدت إلي انخفاض القوة الشرائية للفرد العادي، ولهذا يتضاعف الإقبال على منتجات البنزين والديزل المسروقة التي تباع بسعر أقل. ويقول خان: "لن تصدقني إذا قلت لك إن العديد من حاويات الناتو تشتري منا هي أيضا زيت الديزل المسروق لكي تنقل إمداداتها إلى أفغانستان". وقد أنشأت المئات من محطات الوقود بشكل غير قانوني في منطقة كويتا ومناطق أخري في بلوشستان، حيث تباع آلاف الليترات من البنزين المسروقة. وتمر حوالي 80 % من الإمدادات غير العسكرية لقوات الناتو التي تحتل أفغانستان من خلال الحدود الباكستانية (معبر تورخام في الشمال الغربي ومعبر شامان في الجنوب الشرقي). ومطلع الشهر الحالي أغلقت باكستان معبر تورخام بعد أن شنت قوات تابعة للناتو هجمات على المناطق المحيطة به وقتلت حوالي 60 مدنياً بينهم ثلاثة من عناصر الجيش، بدعوى مطاردة عناصر طالبان. وتقدمت الولاياتالمتحدة باعتذار رسمي عقب تلك الواقعة. أهداف سهلة ويعتبر ضعف التواجد الأمني في منطقة القبائل العامل الرئيسي الذي يساعد السكان المحليين على الفرار بإمدادات الناتو المسروقة. وفى هذا الشأن، يقول "اشتياق أحمد" أستاذ الشؤون الدولية والأمن الإقليمي بجامعة القائد الأعظم بإسلام آباد: "انعدام الأمن الكافي، وعدم التنسيق بين الحكومة الباكستانيةوالولاياتالمتحدة جعل قوافل الناتو أهدافا سهلة لمسلحي طالبان". ويقول حاسني (رجل قبيلة): "السكان لا يتعاونون مع الإدارات المحلية فيما يتعلق بتأمين إمدادات حلف الأطلسي "الناتو" لأنهم يستفيدون اقتصادياً من هذا الأمر (ضرب حافلات الناتو)". ويقول حسني "نحن لا نهتم بمن يحرق هذه الحاويات، ولا بمن يريد حمايتها، الأمر الوحيد الذي نهتم به هو ما سوف نستخرجه منها". ويضيف حاسني: "في كثير من الأوقات، لا ننتظر حتى يأتي رجال الأمن أو الإطفاء بعد ساعات، ونبدأ في إخماد النيران بأنفسنا، لأننا كلما أخمدنا هذه النيران مبكرا، سيكون بمقدورنا الحصول على مكاسب أكبر". ويشارك حاسني الرأي نفسه أصحاب الحاويات المحترقة حيث يقول حسين خان صاحب إحدى الحاويات التي احترقت في إحدى الهجمات: "هذا الأمر يحدث بسبب سوء الأوضاع الأمنية، وقد طلبنا مرارا وتكرارا من الحكومة أن تقوم بتوفير أوضاع أمنية مناسبة لهذه القافلات في هذه المناطق لكن دون جدوى". وردا علي هذه الاتهامات، يقول وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك: "ليست مسؤوليتنا مرافقة هذه الحاويات حتى الحدود الأفغانية، لكنها مسؤولية حلف الناتو حيث أنه المسؤول عن الترتيبات الأمنية لهذه الحاويات". * عقب كل هجوم يتجمع رجال القبائل لجمع بقايا إمدادات المواد الغذائية، والمنتجات النفطية، والأجهزة العسكرية؛ من اجل بيعها في السوق السوداء. * فقد عشرات الأشخاص حياتهم العام الماضي في أثناء جمعهم لبقايا المواد التي تحملها هذه الحاويات المتفحمة التي يقوم بحرقها غالبا عناصر من حركة طالبان. * تفيض الأسواق السوداء في باكستان حاليا بمختلف البضائع التي تحمل علامة "صنع في أمريكا"، فالعديد من الأسلحة والأجهزة العسكرية الأمريكية الصنع، أصبحت متاحة ومتوفرة في سوق "دارا ادامخيل" 50 كم من جنوب بيشاور، والذي يعرف في باكستان باسم "سوق الأسلحة". * يعتبر البنزين وزيت الديزل اللذان يتم أخذهما من حاويات الناتو من أهم البضائع المطلوبة في الأسواق السوداء فسعر لتر البنزين أو زيت الديزل متوفر بسعر 68 أو 70 روبية باكستانية (0.9) دولار في الأسواق العادية، في حين يباع في الأسواق السوداء بحوالي 35 أو 40 روبية.