خطبهم المسجدية تواجه انتقادات شديدة أئمة الجزائر.. هل يؤدون واجب الإصلاح؟ بقلم: الشيخ بن خليفة سجّل متتبعون انتقادات بالجملة لمستوى عدد غير قليل من الأئمة الذين شرّفهم الله بالخطابة والإمامة في المساجد مشيرين إلى أن هؤلاء بحاجة ماسة إلى العمل على الرفع من مستواهم وتنويع خطبهم والحرص على تبليغ رسالة المسجد على أفضل وجه ممكن دون إنكار وجود عدد لابأس به من أئمة الجزائر المتفوقين والمتألقين الذين يستقطبون آلاف المصلين الراغبين في تلقي رسالة راقية. وعلى النقيض من الأئمة المجتهدين الذين لا يخشون في قول الحق لومة لائم ويدركون أن المسجد مؤسسة أساسية لإصلاح وتقويم أفراد المجتمع لاحظ متتبعون أن بعض الأئمة لا يبذلون جهدا كبيرا أو لا يسمح لهم مستواهم لتقديم خطب مسجدية في المستوى حيث أن بعضهم يبدو (خارج مجال التغطية) غير ملم بكبريات قضايا عصره وغير متتبع لأبرز الأحداث التي تعيشها بلاده وهو الأمر الذي يمنعه من أداء واجبه على النحو المأمول. ورغم أن قانون المسجد الصادر مؤخرا يتيح للإمام أن يدلي بدلوه في مختلف القضايا التي تشغل مجتمعه بموضوعية فإن أئمة كثيرين يفضلون النأي بأنفسهم تماما عن الانشغالات الأساسية للجزائريين و(يهربون) إلى مواضيع عامة عن الأخلاق والأمور الفقهية المختلفة دون تقديم توجيهات دقيقة للمصلين تخص كيفية التعامل المناسب مع أبرز ما يواجهه الجزائريون من تحديات خصوصا في أيام الفتنة والتشرذم التي نعيشها ونُعايشها منذ مدة. نواقض الوضوء ليست كل شيء.. وإذا كان من واجب الأئمة والخطباء تفقيه المصلين وعموم المسلمين وتعليمهم أركان وقواعد وأصول الدين فإن ذلك ليس مبررا لحصر خطب ودروس المساجد في أمور الفقه وإذا كان تعليم المسلمين كيفية الوضوء ونواقضه أمر مهم فهو ليس كل شيء في الدين الحنيف الذي يعد منهاجا شاملا لكل مجالات وقطاعات وجوانب الحياة وهو كما هو معلوم صالح لكل زمان ومكان. ولن يتأتى للإمام والخطيب وملقي الدروس القيام بواجبه كاملا وتنوير مرتادي المساجد بروح الإسلام الصحيح الذي لا تشوبه شائبة إلا بالتمكن من أدوات الخطابة والرفع من مستواه بشكل يسمح له بأن يتبوأ بجدارة المنبر الذي اعتلاه قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين المهديين ومن تبعهم بإحسان وإيمان ويقين إلى يوم الدين.. للإشارة فقد شدد وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله على أهمية تكوين الإمام بالنظر إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه. وأكد الوزير خلال افتتاح الأيام الوطنية للتكوين لفائدة إطارات الشؤون الدينية المنظمة شهر مارس الماضي أن الأستاذ الذي تعطى له مهمة تكوين الأئمة توضع على عاتقه مسؤولية أكبر من المسؤولية التي تخول للإمام. وحث غلام الله في هذا الصدد المكونين إلى متابعة تلاميذهم (حتى بعد أن يصبحوا أئمة) معتبرا ذلك (واجب). مُصّلون بحاجة إلى وعي أكبر رغم حرص عدد كبير من خطباء المساجد في الجزائر على تذكير المصلين بآداب الجمعة إلا أننا نشاهد يوميا وأسبوعيا مظاهر يندى لها الجبين لمصلين لا يحترمون حرمة بيت الله ولا يتوانون في تعريض أعمالهم الصالحة وصلواتهم لخطر (الإفلاس) من خلال سلوكات منافية تمام لآداب المسجد ومن ذلك على سبيل تبادل بعض المصلين للحديث مع بعضهم بعد صعود الإمام إلى المنبر لتلاوة خطبتي الجمعة وهو أمر محظور شرعا لكنه يشاهد كثيرا في مساجدنا وحتى في بعض مساجد البلدان المسلمة. وقد وردت أخبار من البقاع المقدسة تفيد أن إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي قد قطع خطبة من خطب الجمعة وتوجه بالحديث لعدد من المصلين أمام المنبر الذين قاموا بتسجيل الخطبة عبر أجهزة الجوال مطالباً إياهم بعدم الانشغال أثناء الخطبة مشيراً إلى أنه قد يكون سبباً في إبطال الصلاة. وقال الشيخ الحذيفي في مقدمة الخطبة الأولى: (يا من يصوّر لا تؤذِ الناس بالتصوير حافظ على الجمعة من اشتغل بهذا تبطل صلاته) كما تحث الشريعة الإسلامية على الإنصات في خطبة الجمعة وعدم الالتفات لغيرها. من جانبه قال الشيخ أحمد المنصوري المتحدث باسم رئاسة المسجد النبوي إن الرئاسة من دورها التوجيه لكافة الزائرين والمصلين في المسجد النبوي بعدم التصوير أو الانشغال عن العبادة من خلال اللوحات الإرشادية وأعضاء لجنة التوجيه والإرشاد المتواجدين بانتظام في أروقة وساحات المسجد كما كثفت اللجنة من رسائلها الإرشادية عبر وسائل الإعلام من خلال عروض قصيرة ومباشرة على قنوات تلفزيونية وإذاعية متعددة وهو أمر يبدو أننا بالجزائر في أمّس الحاجة إلى القيام به فكثيرون يضيّعون أجرا كبيرا لانشغالهم بأمور تافهة أو غير مشروعة خلال أوقات العبادة وفي أطهر وأقدس مكان على الأرض.. المسجد.