بين الإفلات من بعض المواقف والتنصل من المسؤولية الكذب يتحوّل إلى عادة لدى بعض الجزائريين إن الضغط الاجتماعي المتزايد على الأفراد أدى إلى ظهور أمراض اجتماعية عديدة وفي مقدمتها نجد الكذب الذي بات منتشرا بكثرة في المجتمع الجزائري فعلى الرغم من تحريم الإسلام لصفة الكذب نجد أنه منتشر بكثرة بين الناس وخصوصا في الآونة الأخيرة بل أنه وصل لمستويات مخيفة ومقلقة قد تفقد الثقة في التعامل بين الأفراد. ياسف آسيا فاطمة الكذب في الواقع هو أن يخبر الإنسان عن شيء بخلاف الحقيقة ويكون إما بتزييف الحقائق جزئيا أو كليا أو خلق روايات وأحداث جديدة بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين والكذب فعل محرم في جميع الأديان وذلك لاقترانه بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والتزوير والسرقة وقد يتساءل الفرد منا لما يلجأ البعض لهذا الفعل القبيح وهنا نجد أسبابا كثيرة تدفع الفرد لاقتراف هذا الذنب كالخوف وضعف الشخصية وحب التباهي وغيرها من الأسباب الواهية. الكذب مناف للفطرة السليمة الكذب من وجهة نظر الفقهاء هو ذنب من أخطر الذنوب ومن مساوىء الأخلاق وهو مناف للفطرة السليمة فكل كذبة تقود لما هو أخطر منها والإسلام جاء بتحريم هذا الفعل القبيح من الكتاب والسنة إذ يقول الرسول صلى الله وسلم (إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان) أما من وجهة المختصين والأطباء النفسانيين فهو عبارة عن حالة من شك واضطراب وقلق وإزعاج وانعدام طمأنينة النفس وعدم هدوء البال فعادة يصيب هذا النوع من الاضطراب ذوي الخيال الخصب وضعاف الشخصية فنجدهم يزايدون عن الوقائع أو يختلقون القصص لغاية في نفوسهم المضطربة يسعون لتحقيقها وقد يتطور الأمر لحدود الكذب المرضي ولهذا الأمر أسباب عديدة. سلوك سلبي لتبرير بعض المواقف وهذا النوع من الكذب الأكثر شيوعا بين الناس فتجدهم يختلقون الأعذار هروبا وخوفا من الوقوع في المشاكل أو لتبرير أخطائهم بدل المواجهة والاعتذار عما بدر منهم وقد لا يكاد يمر يوم واحد ولا يصادف البعض هؤلاء الذين يتهربون من مواجهة مشاكلهم بالكذب والخداع وهم يستخدمون عادة في كذبهم قصصا يصعب عدم تصديقها فللحكايات الدرامية هنا دور لا يستهان به كاستظهار المرض وتمثيل أدوار عديدة ولعل أشهر كذبة عند الجزائريين بهذا الخصوص هي (كانت عندي جنازة) فهذه الكذبة يمكن القول عنها إنها المنقذ الأول من كل المشاكل بالنسبة للجزائريين. التباهي والتفاخر غايات أخرى من الكذب! وهذا الكذب الأكثر شيوعا بين الجزائريين فأغلب الذين يختلقون القصص يكون هدفهم هو التباهي والجزائريون يلجؤون لهذا تعويضا للنقص الذي يعانون منه في شتى مناحي حياتهم فتجدهم يطلقون العنان لخيالاتهم الواسعة ويدعون أمور لا تمت للواقع بصلة وقد يشعر المستمع إليها أنها من وحي الأفلام الخيالية ولعل أفضل مكان قد تشهد فيه هذه الظاهرة بكل وضوح هو الأماكن العامة وخصوصا في وسائل النقل فالناس هنا يختلقون شتى أنواع القصص للظهور بمظهر الأبطال الخارقين للعادة كسيناريوهات النجاة من الموت بأعجوبة عدة مرات أو الظهور بمظهر أصحاب المقام الرفيع وشغلهم مناصب عمل مهمة وغيرها من الحكايات التي لا تمت للواقع بصلة وهي من وحي الخيال. ولعل الكل يتساءل لماذا يلجأ الفرد للكذب ويظل يصر على الكذبةِ رغم أن من حوله يعلمون أنها كذبة ولهذا التساؤل إجابة واحدة شاملة تتلخص في كون المريض بالكذب يعيش حالة من الارتباك وعدم التوازن والتي تدفع به في النهاية لخلق الأكاذيب وربطها بالحقائق لينتهي به الأمر إلى خداع نفسه وخداع الآخرين.