عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قطُّ إلا رفع طَرْفَهُ إلى السماء فقال: (اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ) وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ. قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذ : هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُل قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟) رواهما أبو داود في سننه وصححهما الألباني. يخرج المسلم كلَّ يوم من بيته للقيام بما يتعلق به من أعمال ومسؤوليات تتعلق بعضها بالمعاش والكسب وحاجات البيت ومتطلَّباته وأخرى بواجباته تجاه رحمه وجيرانه وأصدقائه وثالثة بالمجتمع الذي يعيش فيه وفي كلِّ خروج له من المنزل يكون مُعَرَّضًا للتعامل مع طوائف مختلفة من الناس لهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقف مع نفسه وقفة قبل أن يخرج من بيته يسأل اللهَ فيها أن يُيَسِّر له هذه التعاملات فلا يَضرُّ أحدًا ولا يتعرَّض للضرر من أحد ولا يظلم أحدًا ولا يتعرَّض للظلم من أحد وهكذا. إنها وقفة جميلة تشرح الصدر قبل أن يُقدِم المسلم على تعاملاته مع الناس وهي سُنَّة كريمة من سنن نبينا صلى الله عليه وسلم نقلتها لنا أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها حيث قالت: (ما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيتي قطُّ إلا رفع طَرْفَهُ إلى السماء فقال:..) فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحافظ على قول هذا الدعاء ولم يتركه قطُّ وفي هذا دليل على أهميته وفضله. فإذا أُضِيف إلى ذلك فائدة ومزِيّة أخرى وهي: (الوقاية من الشيطان) - كما في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه - فقد تحققت المحاسن والفضائل كلها ولهذا فإن الأخذ بالروايتين معا يجمع الخير والتوفيق للعبد في جميع أعماله خلال يومه وليلته بفضل الله تعالى ومنّه وكرمه. فحافظ على أن تقول كلما خرجت من بيتك: (بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ولاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ .. اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ). هكذا عرفنا هديه صلى الله عليه وسلم عند خروجه من منزله وهكذا ينبغي لنا أن نفعل فنحفظ أنفسَنا من شرور الإنس والجن ونحفظ غيرَنا من شرورنا. فلنحرص على إحياء هذه السُّنَّة المباركة بتطبيقها وحث الناس عليها حتى ننال ما يترتب عليها من فضائل وننال أجر إحياء سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.