عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: (لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا).(رواه البخارى) يقول الدكتور عطية مصطفى أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: إن القائم على حدود الله هو المراقب لها بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن الواقع فيها هو الذى ترك الأمر بالمعروف وارتكب المنكر ومثل هذين كمثل قوم اقترعوا على سفينة مشتركة بينهم تنازعوا فى الإقامة فيها بين المكان الأعلى والمكان الأسفل فأصاب بعضهم عن طريق القرعة أعلى السفينة وأصاب البعض الآخر أسفلها فكان الفريق الذي في أسفل السفينة إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ-أي لم نضر-من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا من الخرق في نصيبهم هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا. وأشار إلى أن السنة الشريفة قد بينت مراتب النهي عن المنكر وتغييره وأن تبدأ أولا باليد ثم باللسان ثم بالقلب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (رواه مسلم) وهذه المرتبة الأخيرة تظهر حين يغضب المسلم لغضب الله فينأى عن مرتكب المنكر ويزدريه من قلبه فإنه يرى حينئذ أنه أصبح منعزلا فيستشعر ذنبه ويكون للرأي العام هنا أثره في إصلاحه وتغيير المنكر بالنسبة له. أما إن سكت أفراد المجتمع عن المنكر وتركوه يستشرى فيهم وتنتقل عدواه من شخص لآخر فإنه سيترتب على ذلك هلاك العاصين والصالحين معا أما العاصون فيهلكون بعصيانهم وأما الصالحون فبسكوتهم قال الله تعالى: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) وإن عدم القيام بالنهي عن المنكر ذنب كبير يصبح به صاحبه ملعونا مطرودا من رحمة الله.